يعتقد بأنه ثقيل الظل ، فيحاول الضغط عليه ، ومن هنا يجب على المهاجر تفجير طاقاته المعنوية والمادية ليستوعبه أهل المدينة ، وأول عمل قام به موسى (ع) أنه أعان العائلة الفقيرة ، وهكذا نجد حياة الأنبياء والرساليين عبر التاريخ ، فرسول الله (ص) دخل المدينة مهاجرا من مكة ، ودخلت معه البركات إليها بسبب نشاطه وقيمه الرسالية ، وأول ما وصل إليها بنى مسجدا فيها وهو مسجد (قباء) وردم الحفر والمستنقعات التي انتشرت حولها ـ حسب بعض التواريخ ـ والتي كانت باعثا على الأمراض ، ثم إنه (ص) لم يكن كلّا على أهلها ، بل كان يعمل بنفسه ، ويكد من عرق جبينه ، أو ربما دفع الامام علي للقيام بهذا الدور ، ومثل هذا السلوك يجعل المهاجر محبوبا في المجتمع ، وهذا ما حدث فعلا لموسى ـ عليه السّلام ـ إذ بعث اليه شعيب ـ عليه السّلام ـ لما أنبأته ابنتاه بأنه قويّ أمين ، وقد أحسن إليهما بالسقي لمواشيهما.
(فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا)
وهنا اشارة الى ان الأديان الإلهية عموما لا تعارض دخول المرأة الى الواقع الاجتماعي ، وتعاملها مع الآخرين ، ولكن بشرط ان يكون تعاملها محاطا بالأدب والحياء ، فهذه ابنة شعيب وهو أحد الأنبياء بعثها أبوها في أمر يجده ضروريّا ، وحين لبّت كانت متسربلة بالعفة والحياء.
واستجاب موسى (ع) لهذه الدعوة لا ليأخذ أجر السقاية ، وانما ليجد له موقعا في هذا البلد الغريب. إذ ينبغي للمهاجر الرسالي ان يبني شبكة من العلاقات الاجتماعية بمختلف الأسباب المشروعة ، ولمختلف الجهات في المجتمع حتى يستفيد منها في سبيل أهدافه الحق ، وحينما مشى موسى مع امرأة غريبة مشى بأدب