وحشمة ، فقد أمرها ان تسير خلفه وتدله على الطريق بحصاة ترميها يمينا أو يسارا ، لأنه ربما يرى شكلها وهي تسير أمامه.
وفي الحديث :
«فقام موسى معها ومشت أمامه ، فسفقتها الريّاح فبان عجزها ، فقال لها موسى : تأخري ودليني على الطريق بحصاة تلقينها أمامي اتبعها ، فانا من قوم لا ينظرون في ادبار النساء» (١)
(فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ)
روى له ما جرى عليه في بلاده التي يسيطر عليها فرعون وجلاوزته.
(قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
وأول ما دخل عليه موسى أمر له بطعام ، فرفض أن يأكله وهو جائع ، فلما سأله شعيب عن السبب ، قال نحن من أهل بيت لا نأخذ أجرا على خدمتنا للآخرين لأنه لوجه الله ، وبقي مصرا على ذلك ، حتى أوضح له شعيب ان هذا ما نقدمه لكل ضيف يحل علينا.
ويبين لنا هذا الموقف احدى صفات المهاجرين الرساليين وخلقياتهم ، إذ يجب على المهاجر ان يحصّن نفسه ضد الذلة ، ويحافظ على قيمه التي جاء بها للمهاجر ، فالكثير من المهاجرين ، سواء كانوا عمّالا أو مجاهدين حينما ينتقلون الى بلاد الشرق أو الغرب تنمحي قيمهم من أذهانهم ، وتنعكس على شخصيّاتهم قيم وسلوكيات مجتمع المهجر ، لأن المجتمع قويّ ، وهم لا يجدون ما يحصنهم أمام تياراته ، فيذوبون
__________________
(١) نور الثقلين / ج (٤) / ص (١٢٢).