فيه.
وعلى المهاجر ان يفكر في الحفاظ على قيمه ، وتحصين شخصيّته قبل التفكير في توفير مأكله ومشربه ، فقد رفض موسى (ع) ان يأكل الا بعد ما تأكد من ان هذا الطعام لا تستتبعه ذلة ولا انتماء معينا.
[٢٦] (قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)
وهذا الاقتراح يكشف لنا عن أمرين :
الاول : إحساس المرأة بالحاجة الى رجل يقوم بمهام البيت ، وان ما يشبع طموح المرأة في الرجل ان يكون قويا يجبر ضعفها ، وأمينا تطمئن للعيش في كنفه. هذا من الناحية الخاصة ـ بالنظر الى المرأة كامرأة ـ أما من الناحية العامة حيث الظروف المحيطة ببيت شعيب فهاتان الصفتان مهمتان ، فمن الضروري ان يكون قويّا حتى يؤدي المهام والأعمال بشكل أفضل ، وأمينا حفظا لعرض البيت.
قال الامام علي (ع):
«لما قالت المرأة هذا ، قال شعيب (ع) : وما علمك بأمانته وقوته؟ قالت : أما قوته فانه رفع الحجر الذي لا يرفعه كذا بكذا ، وأمّا أمانته فانه قال لي : امشي خلفي فأنا أكره أن تصيب الريح ثيابك ، فتصف لي جسدك» (٢)
الثاني : ربما يكشف هذا الاقتراح عن رغبتها في الزواج منه ، فقد ورد في الروايات أن التي تزوّجها موسى هي صاحبة الاقتراح ، بل وإنها هي التي أشارت
__________________
(٢) المصدر / ص (١٢٣).