ج ـ مقياس الوجدان : ان اي فكرة تثبت في ذهن الإنسان انما هي نتيجة لأحد شيئين : فاما تكون نتيجة للعقل والوجدان ، أو تكون نتيجة للجهل والشهوة ، وهذا أهم وأسهل من كل المقاييس الأخرى.
والقرآن في هذه الآيات يعالج هذه الحقيقة ، ففي البدء يقول الله : انكم أيها الناس إذا لم تتبعوا هذه الرسالة ، فابحثوا عما هو أفضل منها واتبعوه ، ولكنهم لو كانوا يريدون الهداية لا تبعوا الرسالة لأنهم لا يجدون أفضل منها ، وإذ يتركونها فلكي يتبعوا الهوى باعتبارهم يريدون التملص من مسئولية التعهد والالتزام بالحق.
فالإنسان اذن أما يتبع العقل أو يتبع الهوى ولا ثالث ، ولكن ما هو العقل؟ وما هو الهوى؟
العقل هو النور الذي يقر بنا الى الحقائق الخارجية ، ويجعلها هي المقياس ، أما الهوى فهو القوة الداخلية التي تجرنا الى النفس ، ومصدره حب الذات ، فالعقل يوجهنا للناس ، بينما الهوى يوجهنا لذواتنا.
وكثيرا ما يتميز الحق عن الباطل بوضوح أمام الإنسان ، ولكنها قد يختلطان فلا يتميزان في بعض الأحيان ، لذلك ورد في الدعاء :
«اللهم أرني الحقّ حقّا فأتبعه ، والباطل باطلا فاجتنبه ، ولا تجعله عليّ متشابها فأتبع هواي»
ومن الناس من يهتدي للحق في أعقد الأمور بلحظة تفكير ، بينما نجد آخرين على العكس منهم ، والسبب هو أن الفريق الأول يستفيد من عقله لذلك ينمو ، بينما الفريق الثاني لا يستفيد منه فيخبو ، وهذه سنة الله في الحياة ، وقد قال أمير المؤمنين (ع):