«لا تجعلوا علمكم جهلا ، ويقينكم شكّا ، إذا علمتم فاعملوا ، وإذا تيقنتم فأقدموا» (١)
ثم يشير القرآن الى حقيقة هامة هي : ان قسما من الناس كانوا مسلمين قبل بزوغ فجر الإسلام ، وهناك جماعة يسمّون بالحنفيين ، لأنهم تركوا عبادة الأصنام لعبادة الله ، مثل أبي ذر الغفاري (رض) وجعفر الطيار الذي قال للرسول : «اربع خصال لم أفعلها في الجاهلية ، ما سجدت لصنم قط ، ولا كذبت ، ولا زنيت ، ولا شربت الخمر» والسبب ان الايمان والفكر حالتان في نفس البشر ، فالذي اعتاد على الانقياد للحق والتسليم له لا يجد صعوبة للايمان بالرسالة ، والعمل بها ، بينما يصعب ذلك على الآخر الذي اعتاد الانهيار أمام الشهوات والأهواء ، لذلك نجد فريقا من الناس بقي منافقا حتى بعد البعثة.
وفي نهاية الدرس يؤكّد القرآن أنّ على الإنسان الّا ينتظر الهداية تأتيه رغما على أنفه ، بل يجب عليه ان يتحمل المسؤولية بنفسه ، وليس الرسول سوى مبلغ للرسالة.
بينات من الآيات :
[٥٠] (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ)
ذلك ان الرسالة تلتقي مع الجانب الخيّر في الإنسان وهو عقله ، وبالتالي يكون الباعث على مخالفتها هو اتباع الهوى.
(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ)
الإنسان قاصر في ذاته ، فلا بد ان يعالج هذا النقص باتباع هدى ربه ، واسع
__________________
(١) نهج البلاغة / ح (٢٧٤) / ص (٥٢٤) / صبحي الصالح.