وعلى هذا يكون معنى الصبر ما يبيّنه السياق لا حقا ، وتكون هذه الآيات بيانا لمنهاج المؤمنين في عصر التقية ، ويتخلص في : الصبر ، والعفو ، والإنفاق ، والاعراض عن لغو الجاهلين.
(وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ)
لقد تقدم أن الظالم يتبع هواه على حساب عقله ، وبالتالي تتضخم ذاته على حساب الآخرين ، أما المؤمن فعكس ذلك : يكبح جماح نفسه وهواه ، فينمو عقله ، فهو يفكر في الآخرين ، فاذا أخطئوا عليه درأهم بالحسنات ، وإذا احتاجوا سد حاجتهم.
(وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)
[٥٥] ثم أنهم طوّعوا أنفسهم ، وروّضوا أهواءهم ، وحددوا حب ذاتهم عن طريق الإعراض عن اللغو ، وهذا ما ينمي العقل ، لأنه يخالف الهوى.
(وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ)
لان طموحاتهم وأهدافهم أسمى من الأهواء والشهوات ، لذلك لم تستفزهم إثارات الجاهلين ، ولم يبوحوا بأسرارهم ، ولم يخوضوا في الجدل الذي لم يؤمروا به ، بل إذا طالبهم الجاهلون بالحجة ـ جدلا ـ أعرضوا عنهم.
(وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ)
هدف هؤلاء ابتغاء رضوان الله ، وليس العلو في الأرض ، والتظاهر ، والفخر ، والغرور بما لديهم ، لذلك لا يستفزّهم الجاهلون ، ولا يثيرهم سبّهم ، وطلبهم للبراز في ميدان الجدل.