يعني بالقرآن الحكيم.
(يُؤْمِنُونَ)
وذلك لأنهم يجدون هذا الكتاب في جوهره مطابقا للرسالة السابقة ، وموافقا للعقل والفطرة ، لان المؤمنين بالرسالات السابقة كانوا قد روّضوا أنفسهم بالحق. وقاوموا جهل قلوبهم وأهوائهم وشهواتهم ، وسلّموا ـ بالتالي ـ لربهم ، فإنهم كانوا مستعدين نفسيا للايمان بالحق.
[٥٣] (وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ)
[٥٤] ويعطي الله هؤلاء أجرهم مضاعفا :
(أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ)
مرة لايمانهم بهذا الكتاب الذي أكمل الله به رسالاته ، ومرة لأنهم آمنوا بالكتاب الذي أنزل إليهم ، وصبروا عليه فلم يحرّفوه كما حرفه علماء السوء منهم ، ولم يخضعوا لضغط السلطة والثروة.
(بِما صَبَرُوا)
على الأذى الذي لا قوة بايمانهم بالكتاب ، ولعل أعظم الثواب كان لهم بسبب صبرهم أيام الفترة ، حيث سيطر الطغاة ، وانحرف الناس ، ولم يبق الا بقية مستضعفة من المؤمنين أمروا بالصبر ، والعمل بالتقاة ، وردّ أذى الكفار والمنحرفين بسعة الصدر ، وحسن الخلق ، والعطاء ، وعدم الخوض في الجدل العقيم مع المنحرفين.