«تغر وتضر وتمر» (١)
وكثير هم الذين تخدعهم الدنيا ، فيحسبونها غاية المنى ، ولكنهم حينما يجربونها يجدونها كالحية ظاهرها أملس ، وباطنها السم الزعاف ، وهي كماء البحر كلما يشرب العطشى منه كلما يزدادون ظمأ ، وهكذا كلما لهث الإنسان وراء زينة الدنيا ، يحسبها تحقق اهدافه ، كلما ازداد بعدا عنها ، وصدق الامام علي (ع) إذ قال :
«منهومان لا يشبعان طالب العلم وطالب دنيا» (٢)
وأهم ما نستفيده من هذه القصة التالية :
١ ـ من الناحية النفسية يجب ان لا تخدعنا الثروة ، وتبعدنا عن هدفنا الأكبر وهو الآخرة ، فلقد كان بإمكان قارون الذي يعجز عن حمل مفاتح خزائنه الرجال الأقوياء ، ان يجمع آخرته الى دنياه ، ولكنه حينما قيل له ذلك رفض وقال : ان الأموال التي حصلت عليها كانت نتيجة جهدي وعملي وأنكر فضل الله ، بينما لم يكن علمه سوى وسيلة بسيطة في جمع هذا المال الذي أعطي له لاختباره ، وامتحان إرادته ، لذلك فشل في الامتحان ، فخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.
٢ ـ من الناحية الاجتماعية يجب ان نلتف حول الأشخاص لما يحملونه من رسالة صالحة ، وما يجسدونه من صفات سامية ، وليس لأموالهم وسلطتهم ، والذي جعل الكثير من الطواغيت يتسلطون على رقاب الناس هو تقديس الناس للثروة ، واحترامهم لأصحابها ، وجعلها مقياسا بدل ان تكون القيم هي المحور ، والإسلام
__________________
(١) نهج البلاغة / ح (٤١٩).
(٢) نهج البلاغة / ح (٢٢٨).