ان ننكر طبيعة الحرق في النار حتى ولو كانت قبسا ، كذلك لا يجوز ان نستهين بخطر الاستكبار والفساد حتى ولو كان بقدر ذرة ، والدنيا دار ابتلاء وتمحيص ، ولا بد ان يتطهر القلب من أثار التكبر والفساد حتى يضحى أهلا للجنة. دار ضيافة الله ، ومقام كرامته ، ومأوى أوليائه وأحبائه.
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ)
أما الطغاة وأولياؤهم فان لهم دارا أخرى ، حيث يساقون الى النار وساءت مصيرا.
وأيّ امتحان عسير يتعرض له أهل الولاية والسياسة ، حيث يطالبهم الرب بان ينزعوا عن قلوبهم رداء التكبر ، ويعيشوا للناس ومع الناس ، وفي مستوى المحرومين من الناس؟! واين تجد مثل هؤلاء؟!
بلى ، كان ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) حيث يروي عنه راذان :
«انه كان يمشي في الأسواق وهو وال يرشد الضال ، ويعين الضعيف ، ويمّر بالبياع والبقّال ، فيفتح عليه القرآن ويقرأ هذه الآية ، ويقول : نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع من الولاة ، وأهل القدرة من سائر الناس» (٧)
وكل من طلب الرئاسة بغير حقها في كل حقل حتى ولو كان ضمن قيادة حزب أو تجمع أو هيئة ، بل وحتى رئاسة عشيرته وأسرته تشمله هذه الآية.
يقول الامام علي (ع): وهو يصف الذين شقوا عصى الأمّة في عصره ، وفرقوها يقول :
__________________
(٧) نور الثقلين / ج (٤) ص (١٤٤).