السورة هو جو الجهاد ، والجهاد مع الظلم والكفر بحاجة الى وحدة الصف ، فانه كان مناسبا الحديث عن أهل الكتاب ، وأنه ينبغي جدالهم بالتي هي أحسن ، وبيان أسس الوحدة التي تجمعنا وإياهم ، وانما القسوة تكون مع الظالمين منهم (كما تكون مع الظالمين منا).
ويبين السياق مصداق الجدال بالتي هي أحسن. أي شواهد صدق الرسالة التي تقنع المنصفين من أهل الكتاب ، أما الكافرون فإنهم يجحدونها (من واقع كفرهم) فهذا النبي لم يكتب ولم يقرأ من قبل وقد جاء بآيات تتبين في صدور العلماء فيصدقونها ، بيد أن الظالمين يجحدون بها (من واقع ظلمهم) وهم يطالبون بالمزيد من الآيات ولا يعلمون أن أمر الآيات بيد الله لا الرسول ، وهذا الكتاب العظيم أليس فيه آية كافية ، والله أعظم شهيد على صدق رسالاته بما يهدي القلوب الصادقة إليها وبنصره وتأييده لها.
ويجادل الذكر الذين يستعجلون بالعذاب ، ويقول : انه سوف يؤخّر الى أجل مسمى ، ولكن يأتيهم بغتة وهم لا يشعرون ، وان جهنم لمحيطة بالكافرين ، حيث تغشاهم النار من فوقهم ومن تحت أرجلهم.
وهكذا يثبّت الله الذين آمنوا ، ويعلمهم كيف يجادلون عن الرسالة ، ولكن ماذا عن الضغوط التي يتعرضون لها؟ يقول ربنا : ان الهجرة الى أرض الله الواسعة ، ومعرفة أن الموت قدر لكل نفس ، وان العاقبة هي الأهم ، حيث يبوّء الله الصالحين جنات جزاء أعمالهم ، وان علينا الصبر على البلاء والتوكل على الله عند الشدائد حتى نستحق تلك الجنات.
وان الأرزاق بيد الله ، فلا يخشى المجاهد قطع رزقه بسبب الهجرة ، أو لأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر. ويفصل الذكر الحديث في ذلك ، ويبين (أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ