بل أشعل نارا كانت تلتهم الطير على بعد أميال. لماذا؟
لأن الطغاة يعيشون أبدا حالة الهلع ، فإن قلوبهم تهتز من أدنى معارضة ، فيتظاهرون بالقوة لتعديل توازن أنفسهم ، ولكي يرهبوا الناس أن يتأثروا بإعلام المعارضة ، وهكذا فعل فرعون :
(وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ)
كان التعبير ـ هذه المرة ـ رقيقا ، لما أحس به فرعون من خطر محدق ، فأراد استمالة الجماهير.
بلى .. ان الطغاة يريدون تمرير قراراتهم من خلال رأي الناس ، لكي يوهموهم أنهم هم أصحاب القرار ، ومسكينة هذه الشعوب الجاهلة كم وكم تمر عليها هذه اللعبة وحتى هذا اليوم.
[٤٠] لم يكن هدف حشد الناس جعلهم الحكم بين النظام والمعارضة ، ليختاروا ما يرونه حقا. كلا .. انما كان الهدف تكريس سلطة فرعون ، لذلك قالوا :
(لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ)
ولعل هذه الآية تشير الى الهجمة الإعلامية التي قامت بها أجهزة السلطة ضد موسى ـ عليه السلام ـ وصنعت أجواء رفض رسالة الله ، واتباع السحرة حتى قبل نزولهم الى حلبة التنافس.
[٤١] وجاء السحرة ، واجتمع الناس ، وعبّئت الأجواء لتأييد فرعون ، وتكونت فرق التشجيع على أطراف الحلبة لصالح السحرة ، ودقّت الطبول ، واستعد الجلادون