فلا تمنى نفسك بالتهرب من الجزاء ، كما يمنّي المجرم نفسه بالفرار ، فان عرف المرء منذ البداية انه لا فرار من العقوبة فسوف يرتدع عن الجريمة.
(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)
وهذا ردّ لمن يمنّي نفسه بالشفاعات ، ويظن مثلا ان عيسى (ع) سيفديه بنفسه ، ويدرأ عنه العذاب ، الا ان الحق تبارك وتعالى يقول : لا عيسى ولا سائر الأنبياء ولا الأولياء يستطيعون ان ينقذوكم من عذابه الا بإذن منه.
وينذر ربنا الكفار الذين لا يؤمنون بيوم القيامة ، بأنهم يائسون من رحمته ، فلا ينتظروا منه رحمة ـ وهو الذي وسعت رحمته كل شيء ـ فلا يتمنوا عليه ان يدخلهم جنات النعيم ، الا بعد الايمان وإصلاح أنفسهم.
[٢٣] (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي)
ولعل الآية تشمل فيمن تشملهم أولئك الذين يدّعون الإيمان بالآخرة ، ولكنهم يبنون عملهم وسلوكهم على أساس عدم وجود النشور.
(وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)
وأحد أنواع العذاب اليأس.
ان المؤمن على العكس من ذلك ، فهو يعيش الرجاء ، فالرجاء يعطي فرصة التفكير في المستقبل ، والتخطيط للنجاح ، وبلوغ الأهداف ، وقد صدق الشاعر حين قال :
أعلّل النفس بالآمال أرقبها |
|
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل |