وهو قصة موسى وفرعون ، متعرضا لقصة قارون.
ولنهاية الحضارات أسباب ذاتية وخارجية في منظور القرآن ، إلّا أنّ السياق يبيّن الأسباب الذاتية ، لان العوامل الخارجية لا تنهي الحضارات من دون وجود أسباب داخلية لانهيارها ، وحتى لو بدت بعض العوامل الخارجية ذات أثر فعّال فلا بد أن نبحث في أساس بنيان الحضارات مما أضعفها وجعل زوالها ممكنا ، وتبين الآيات الممارسات الخاطئة التي تختلف من تجمع الى آخر ، ولكنها تنتهي بالتالي الى ثلاثة عوامل ـ فيما يبدو لي ـ :
١ ـ الثقافة الجاهلية :
حيث يلعب انحراف الثقافة دورا بارزا في تبرير أخطاء الإنسان مما يجعله يفقد المناعة ضد الخطأ ، ويغدو متراكم السلبيات عرضة للبوار ، ثم ان الثقافة الباطلة تحوّل القيم فتنحرف مسيرة الحضارة الصاعدة الى طريق هابط ، وأخيرا تشوش الثقافة الفاسدة الرؤية فيتخذ البشر مواقف خاطئة ، ولان الثقافة بمثابة البنيان التحتي لأيّ كيان ، فمتى كان الأساس غير سليم ، فان البنيان ينهار سريعا.
٢ ـ الانحراف عن الصراط :
فالانحراف يذهب بطاقات الامة والفرد بعيدا عن اهدافه الرئيسية ، كالذي يسير بعيدا عن الجادة ، لا تزيده السرعة الا بعدا ، وكلما ابتعد الإنسان عن الطريق الذي ارتضاه الله له كلما قرب من نهايته ، سواء كان الإنسان الفرد أم الحضارة.
٣ ـ الاعتماد على القوة المادية :
ثقافة الإنسان الجاهلية ، وانحرافه عن الصراط يدفعانه الى تجاهل قدرة الله ، والاعتماد أكثر فأكثر على حسابات مادية بحتة ، سواء كان يمتلكها هو أو تحيط به ،