وليرغب العاقل في ثواب الله ، حيث هيّأ للمؤمنين الذين يعملون الصالحات غرفا من الجنة خالدين فيها ، أو ليسوا قد صبروا على البلاء ، ولم يداخلهم اليأس لتوكلهم على الله ، ولم يخشوا قطع أرزاقهم لأنّ الله يرزق كل دابة ، كما يرزقنا وهو السميع العليم؟!
(والله يدعوهم لفطرتهم) فلأن سألتهم من خلق السموات والأرض تراهم يعترفون بأن الله هو خالقهما ، ومسخر الشمس والقمر ، فلما ذا يسمحون للشيطان بإضلالهم؟!
كذلك الله يبسط الرزق لمن يشاء ، ويضيق على من يشاء ، وهو محيط علما بكل شيء ، فلما ذا نخشى الفقر ونكفر بالله طمعا في الغنى وهو الذي يدبر أمور الحياة ، فهو ينزل من السماء ماء ، ويحيي به الأرض من بعد موتها ، فله الحمد ، ولكن أكثر الناس لا يعقلون.
بينات من الآيات :
[٥٢] الرسالة هي تجسيد لصفات الله ، وهذا ما نلاحظه من خلال تجلّي أسماء الله في الرسالة ، فهي آية من آيات الرحمة ، والحكمة ، والعظمة وغيرها ، وبنظرة في الرسالة نعرف أنّ ربّنا رحيم ، حكيم ، عظيم ، والى غيرها من أسمائه الحسنى.
ومن جهة أخرى فإنّ الرسالة هي تحقيق لتطلعات العقل والفطرة ، فقد دخل اعرابيّ ذات يوم على رسول الله (ص) طالبا منه النصيحة ، التي لا يحتاج بعدها إلى نصيحة أخرى ، فكان أن وضع رسول الله يده على قلب الرجل وقال : «ما قال لك هذا فافعل ، وما قال لك هذا لا تفعل فلا تفعل» فالرسالة هي تلبية لنداء الفطرة ، وارواء لعطش الوجدان ، وليس بين الرسالة والعقل تناقض ، ولذلك جاء في بعض الروايات : «إن لله على الناس حجتين : حجة ظاهرة ، وحجة باطنة ،