إن هذه الأهداف هي الأخرى ليست أهدافا جدية لتعلقها بالحياة الدنيا فقط ، والتي تعتبر لعبا ـ حسب التعبير القرآني ـ وذات مرة كان النبي الأعظم (ص) جالسا بين أصحابه ، فخط على الأرض ثلاثة خطوط ، فقيل له : يا رسول الله ما هذه الخطوط؟ فقال : هذا ابن آدم مشيرا إلى الخط الأول ، وهذه أمانيه مشيرا إلى الخط الثالث ، فقيل له : وما الخط الأوسط؟ فأجاب (ص) : هو الموت الذي يحول بين بني آدم ، وبين أمانيه ، فالعاقل هو الذي يجعل الحياة قنطرة للآخرة.
كل إنسان مفطور على معرفة الله سبحانه ، ولكن قد يفصل بينه وبين المعرفة حجب الغفلة والنسيان والهوى ، فاذا ارتفعت هذه الحجب صارت الرؤية واضحة ، ولنأخذ مثالا من واقع الحياة : عند ما يمرض ابنك ، وتفتقد الطبيب المعالج ، عندئذ تزول جميع حواجز الجبت والطاغوت ، وتعرف الله وتتصل به ، ويكون دعاؤك نابعا من صميم فؤادك ، وما أن يتشافى حتى تنسى الله ونعمته عليك.
فالإنسان لا يعرف الله إلّا عند الحاجة ، وعند ما تنتهي حاجته تنتهي معرفته معها ، فعند ما يركب السفينة ، ويمخر بها عباب المحيطات الشاسعة ، وتتلقفه الأمواج الهادرة ، حينها فقط يتوجه قلبه بكل إخلاص إلى الله سبحانه.
إنه الله الذي تلجأ إليه ، ويتصل به قلبك في أوقات الحاجة ، حين تسد جميع الطرق أمامك ، ولا يبقى لك من منفذ من البلاء ، حينها لا يبقى إلّا أن تطرق أبواب السماء بدعائك الخالص ، والمشوب بالعجز أمام قدرة الله ، حينذاك يأتيك الرد إلهيا فتزول جميع العوائق والمشكلات ، وهذه هي آثار الله ، وبها نعرفه.
ثم يبين الله في آخر آيات هذه السورة نعمة الله على أهل مكة حين جعل لهم حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم.