[٧٨] (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ)
لقد خلق الله كل شيء خلقا متينا ، وأجرى فيه سننا بالغة الدّقة ، وهدى الإنسان الى تلك السنن بالغرائز ، والفطرة ، والعقل ، والوحي ، وتطابق الوحي والسنن أكبر شهادة على صدق الرسالة ، وأبلغ حجة على حكمة الرب ، وحسن تدبيره سبحانه.
[٧٩] والبشر مفطور على تقدير من يطعمه ويسقيه ، ولكن يخطأ في معرفة المصدر الحقيقي للطعام والشراب. انه ينظر إلى الوسيلة ولا ينظر الى المصدر ، يرى الرافد ويغفل عن الينبوع ، يحس بيد الخبّاز ولكنه يجهل أو يتجاهل عشرات الأيدي من قبلها ويد الغيب من ورائها جميعا.
أما صاحب الفطرة النقية التي تتحدى سلطة المجتمع ، ولا يضيّع انسانيّته بالتسليم للفساد الثقافي السائد عليهم ، فهو الذي يهتدي إلى لبّ الحقائق ، وغيب الظواهر ، كمثل إبراهيم إذ قال :
(وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ)
[٨٠] لقد جعل الله في جسم الإنسان نظام مناعة ، يقاوم الجراثيم ، ويساعد على التغلب على المرض ، ومدى قدرة هذا النظام أو ضعفه ، ومدى قدرة الجرثومة وضعفها خاضع لتقدير الله سبحانه ، وهكذا يموت أو يطيب المريض بما لا يتحكم فيه البشر مهما أوتي من علم.
ولو أفقد الله الجسم مناعته ، فلا أحد قادر على حفظه حتى ولو شرب أطنانا من الأدوية المضادة.