آياته إحياء الأرض بعد موتها ، وهو الذي يحيي الموتى (٢٧) ويردّ إليه علم الساعة ، وما تخرج من الثمرات من أكمامها (٤٧) .. ويستعرض جانبا من أطوار النفس البشرية حيث ترى الإنسان لا يسأم من دعاء الخير ، ولكنّه إذا مسّه الشر تراه يؤسا قنوطا ، وحين يرزق نعمة يفقد من الفرح توازنه ، وإذا أصابه السوء فهو ذو دعاء عريض (٤٩) .
وكما هو منهج القرآن البديع في سائر السور حيث يوصل الآيات الشاهدة على الحق بالإنذار من الإعراض عنها ، ذلك أنّ بيان الآيات لا يجدي الجاحد نفعا ، فلا بد إذا من استصلاح الأرض قبل أن يزرع فيها الحب ، كذلك نجد في هذه السورة كيف تتماوج الآيات بين إنذار المعرضين عن الآيات وبين بيان آيات الله في الآفاق والأنفس ، مثلا بعد الآية (٣٩) التي تلفت النظر الى خشوع الأرض قبل أن ينزل الله عليها الماء فتهتز وتربو وتحيى ، وقبل الآية (٤٧) التي تبيّن علم الله بالساعة وبالثمرات التي تخرج من أكمامها ، نجد الآيات (٤٠) تنذر الذين يلحدون في آيات الله أنّهم لا يخفون على الله ، وأنّ الذين كفروا بالذكر لا يفلحون ، لأنّه كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ثم يذكر بعض أعذار الجاحدين من قبل ومن بعد الرسول.
وتتميّز السورة بقوّة الطرح ، وشدة نبرات السياق ، خصوصا فيما يتصل بالإعراض والجحود في آيات الله ، كما تتميّز بالمفارقة الحادّة بين طرفي الصراع ، بين من يصرّ على الجحود ومن يستقيم على الطريق.