ما لا يعرفه ، بل يسعى من أجل معرفته.
[٤] والى جانب أنّه كتاب علم ، فهو كتاب حكمة ، تنفذ بصائره في الفؤاد ، وتستثير عقل الإنسان من سباته ، وتنهض إرادته ، وتشحذ عزائمه ، وتربّيه وتزكّيه ، كلّ ذلك بما يحتوي من بشارة وإنذار.
(بَشِيراً وَنَذِيراً)
ولا يدع الكتاب نافذة على القلب إلّا وينفذ منها ، ولا وترا حساسا إلّا ويغرب عليه. إنّه يرغّبهم في ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة بألوان من الترغيب لا تكاد تحصى ، كما وينذرهم بألوان من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
ولكن هل يعني ذلك أنّ القرآن يؤثّر في كلّ الناس؟ إذا بطلت حكمة الابتلاء. ولا يصبح الناس جميعا على هدى.
(فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ)
لقد أعرضوا عن ذكرهم ، ولم تشأ حكمة الربّ إكراههم ، فهم لا يسمعون الموعظة ولو سمعوها حقّا لاهتدوا إذ لا نقص أبدا من جانب القرآن ، بل قد وفّر الله وسائل الهداية ، ولكن ما ذنب الشمس لو كان الإنسان أعمى.
[٥] وكان من ملامح إعراضهم أنّهم زعموا أنّ قلوبهم موضوعة في أوعية مغلقة ، فهي لا تستجيب للحقائق الجديدة ، وأنّ بينهم وبين الرسول حجابا لا يمكنهم رؤية الرسول من ورائه.
(وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ)
لقد عقدوا عزمات قلوبهم على الكفر بما جاء به الرسول ، والتعصّب الأعمى لما