(كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ)
إنّه كتاب (ثابت) ، وإنّه مفصّل قد أحكمت آياته وتشابهت وتناسقت ، لا تجد فيها عوجا ولا ثغرة ولا اختلافا ، وهذا بذاته شاهد على صدقه ، فكلّ آياته تنبعث من التوحيد الخالص ، وتدعوا الى الحق والعدل والجزاء.
والكتاب قرآن عربي جاء بهذه اللغة الفريدة التي سمت على كل اللغات في إعرابها عن نوايا المتحدّث بكلّ دقة وبلاغة.
(قُرْآناً عَرَبِيًّا)
وإنّه لشرف عظيم لهذه اللغة وللناطقين بها عبر التاريخ أنّ وحي الله قد امتطى متنها ، ولعلّنا نستوحي من هذه الإشارة : أنّ شرف العروبة باللغة ، ولذلك فكلّ من تحدّث بها واعتنق المبادئ السامية التي جاء بها الذكر فهو عربي ، وإنما تتفاوت عروبة الناس بمدى التزامهم بتلك المبادئ ، وأكرم الناس جميعا أتقاهم.
(لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)
القرآن كتاب علم ولا يبلغ آماده إلّا العلماء ، وإذا قصر عن وعيه إنسان فلنقص في معارفه ..
وكلّما تقدّم علم البشرية كلّما اقتربوا من محتوى القرآن وعرفوا عظمته ، إلّا أنّ ركب الإنسانية يسير قدما نحو التكامل ويبقى القرآن أمامه أبدا ، كالشمس ضوؤها قريب والوصول إليها مستحيل.
وهذا الاستفتاح يتناسب والحقائق العلمية التي تشير إليها هذه السورة لكي لا ننكر بعضها عند ما نجهل أبعادها ، فليس من خصائص الإنسان العاقل أن ينكر