من هنا : إذا كانت شهود الله على الإنسان أعضاؤه ، فلا بد أن يخاف مقامه ، ويتّقيه على نفسه.
(وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ)
يبدو أنّ معناه : إنكم لم تستتروا ، ولا كنتم قادرين على أن تستتروا.
ولنفترض جدلا : أنّ الأعين والآذان والجلود لن تشهد على الإنسان أثناء الحساب ، فهل يعقل أن لا يكون الله شهيدا؟!
كلّا .. فالله محيط علما بالبشر ، ومطّلع على خفيّاته التي ليس لأحد سبيل الى معرفتها سواه سبحانه.
إنّ الله سميع بصير ، عليم خبير .. ولو شعرنا بذلك ، وأنّه يحصي أنفاسنا ، ويعلم خطرات قلوبنا ، وأنّ كلّ كبير وصغير مستطر ، لما ارتكبنا السيئات .. وإنّما فلت من شرك الفاحشة ذلك المخلص الصّدّيق يوسف بن يعقوب ـ عليهما السلام ـ حينما تحسّس رقابة الله عليه ، وعلم يقينا أنّه عزّ وجل أقرب إليه من حبل الوريد ، فعن أبي عبد الله (ص) قال :
«لما همّت به وهمّ بها ، قالت : كما أنت ، قال : ولم؟ قالت : حتى أغطّي وجه الصنم لا يرانا ، فذكر الله عند ذلك ، وقد علم أنّ الله يراه ففرّ منها» (١)
ينبغي أن نتذكّر شهادة الله حتى نفوز برقابة ذاتية على أنفسنا فلا تنحرف.
وأمّا الكافرون فهم بعيدون عن هذه الحقيقة ، فهم يظنّون بربّهم ظنّ السوء ،
__________________
(١) بحار الأنوار / ج (١٢) ص (٣٠٠) .