ليعكس سنن الله التي تنتقم ممّن خالفها بشدة ، وقد أنبأ الرسول (ص) عن عزّة الكتاب حيث قال عنه :
«من جعله أمامه قاده إلى الجنّة ، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار»
وقال المفسرون : إنّ خبر المبتدأ هنا محذوف لدلالة السياق ، كما لو قلنا : إنّ من يعادي زيدا وإنّ زيدا لقوي ، أي أنّه لا يفلح لأنّ من يعاديه قوي.
[٤٢] وعزّة القرآن تتجلّى أيضا في أنّه حق ، والحقّ منتصر.
(لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ)
فلا إخباره عمّا مضى يشوبه الباطل ، ولا إنباؤه عمّا يأتي. إنّه كتاب العصور جميعا. أو ليس يبيّن محض السنن ، ولباب الحقائق ، وعبر القصص ، وهي لا تختلف من عصر لعصر ، كما قال الإمام الرضا (ع) عنه :
«هو حبل الله المتين ، وعروته الوثقى وطريقته المثلى ، المؤدي الى الجنة ، والمنجي من النار ، لا يخلق على الأزمنة ، ولا ينعت على الألسنة ، لأنّه لم يجعل لزمان دون زمان ، بل جعل دليل البرهان ، والحجة على كلّ إنسان» (١)
(تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)
الله الذي شهدت آفاق الخليقة بحكمته البالغة هو الذي نزّل الكتاب ، فهو الناطق عن تلك الحكمة التي نراها في خلقه سبحانه.
وهو الحميد الذي نشرت محامده على كلّ أفق مبين ، لأنّ رحمته وسعت كلّ
__________________
(١) المصدر / ص (٥٥٤) .