[٤٥] وقصة الجحود طويلة ، فلقد أنزل الله التوراة على موسى فاختلف فيها الناس على الرغم من أنّها كانت هدى ونورا.
وأمهلهم الله حتى يمتحنهم ، ولو لا أنّه قد قدّر امتحان البشر في الدنيا لقضي بينهم ، وأخذ الجاحدين أخذا شديدا ، لأنّهم قد جاؤوا إفكا مبينا ، ولا يزال البعض يشكّ في التوراة شكّا مقلقا.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ)
فاختلافهم في القرآن ليس دليلا على نقص فيه ، حاشا لله! إنّما هو بسبب وقر آذانهم ، وعمى أبصارهم ، وكما أنّ الله لم يعجّل على أولئك بالعذاب ، بالرغم من عظيم إفكهم ، كذلك لم يعجّل العذاب على هؤلاء. كلّ ذلك لأنّ الله قد قدّر الدنيا دارا للفتنة والبلاء.
(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ)
ونزل عليهم العذاب ، ولكنّ الله قد سبقت كلمته أن يمهل الجاحدين الى أجل مسمّى فلا يغرّهم المهل ، ولا يتّخذ البعض ذلك دليلا على أنّ الله لا يعزّ كتابه أو لا ينصر رسله.
(وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ)
قالوا : المعنى أنّ العرب لا يزالون في شك من القرآن ، وقال البعض : بل اليهود لا يزالون في شك من التوراة ، ويبدو أنّ هذا أقرب الى السياق والذي فيه تسلية للرسول ليتّسق المعنى ، هكذا : لا يحزنك ـ يا رسول الله ـ شك قومك في القرآن فبنوا إسرائيل لا يزالون في شك من التوراة.