كلّها فوق مستوى عقولهم فلم يستوعبوه ، هنالك كانوا يطالبون بأن يكون واضحا قد بيّنت آياته.
وينهرهم القرآن أنّ القضية ليست في أن يكون عربيّا أو أعجميّا ، بل في أن يكون القلب مستعدّا لتقبّله.
(ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ)
وقال المفسرون : إنّ هذا الكلام تكميل لقوله «لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ» ، أي يكون الكتاب أعجميّا بينما الرسول عربي ، أو يكون الكتاب مختلطا بين العربي والأعجمي.
(قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ)
يهديهم الى الحق ، ويشفي قلوبهم من أمراضها ، أمّا المعرضون عنه فإنّهم لا ينتفعون بالكتاب. إنّ في آذانهم وقرا من الأفكار الباطلة ، والمسبقات الذهنية الخاطئة.
(وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى)
قالوا : معناه أنّهم محجوبون عنه حتى صاروا بالنسبة إليه كالأعمى ، ولعلّ معناه أنّهم يزدادون به ضلالا وطغيانا كما قال ربّنا : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) .
(أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ)
ذلك أنّ المسافة واسعة بين القرآن وهداه وشفائه وقلوبهم المغلفة التي غلّفتها الشهوات والكبر والأحقاد.