لإيصال معاني القرآن لغير العرب ليس ترجمة القرآن ، لأنّها تضيق بمعانيها ، وإنّما تعليمهم اللغة العربية.
(لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها)
وإنّما يختار الله عواصم البلدان محلّا لتبليغ الرسالة ، لأنّها من الناحية الإعلامية أكثر وأشمل تأثيرا ، حيث تعتبر المركز لسائر الناس ، فأيّ حدث أو حديث يقع فيها يكون خبره أكثر شياعا مما لو وقع في غيرها ، ثم إنّها تحتل مركزا سياسيا واجتماعيا هامّا بين القرى الأخرى ، ففتح العاصمة يؤدّي في الأغلب الى فتح سائر القرى والمواقع الأخرى ، بالذات إذا كانت كمكّة في عهد الرسول (ص) مركزا لتجمّع القوى الدينية والسياسية والعسكرية والاقتصادية ، التي تسيطر عليها آنذاك قريش ، وتتحكّم من خلالها في شبه الجزيرة.
وتدل الآية على أنّ الرسالة الإلهية كانت ذات أمواج متلاحقة ، فقد افتتحت بأمر الرسول بالقراءة : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) ، ثم أمرته بإنذار الأقربين : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) ، وتوسّعت الى قومه ـ صلّى الله عليه وآله ـ بقوله سبحانه : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) وتواصلت حتى شملت العالمين فقال ربنا سبحانه : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) .
ومع أنّ الرسالة كانت منذ البدء عالمية إلّا أنّها كانت واقعية أيضا تسعى نحو العالم عبر موجات متلاحقة بين الناس ، الأقرب فالأقرب ، واحقّ الناس بها وبحمل مسئولياتها الرسول وأهل بيته الذين نزلت في بيوتهم.
(وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ)
وفي الأثناء لا بد للرسالي أن يستوعب الحياة بواقعياتها ، فلا ينتظر من الناس أن