ويأخذنا القرآن في المقابل الى منظر مناقض آخر ، هو منظر المؤمنين الذين تحوّل إيمانهم وعملهم الصالح الى جنة ورضوان من الله.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)
وأيّ رياض هذه التي يرزقها المؤمنون؟! دعنا هنا نقرأ شيئا من كلام أمير المؤمنين عنها ..
يقول (ع) :
«فلو رميت ببصر قلبك نحو ما يوصف لك منها لعزفت نفسك عن بدائع ما أخرج إلى الدنيا من شهواتها ولذّاتها ، وزخارف مناظرها ، ولذهلت بالفكر في اصطفاق أشجار ، غيّبت عروقها في كثبان المسك على سواحل أنهارها ، وفي تعليق كبائس اللؤلؤ الرطب في عساليجها وأفنانها ، وطلوع تلك الثمار مختلفة في غلف أكمامها ، تجنى من غير تكلّف فتأتي على منية مجتنيها ، ويطاف على نزّالها في أفنية قصورها بالأعسال المصفقّة ، والخمور المروّقة ، قوم لم تزل الكرامة تتمادى بهم حتى حلّوا دار القرار ، وأمنوا نقلة الأسفار ، فلو شغلت قلبك أيّها المستمع بالوصول الى ما يهجم عليك من تلك المناظر المونقة ، لزهقت نفسك شوقا إليها ، ولتحمّلت من مجلسي هذا الى مجاورة أهل القبور استعجالا بها ، جعلنا الله وإياكم ممّن يسعى بقلبه الى منازل الأبرار برحمته» (١)
__________________
(١) نهج / خطبة (١٦٥) ص (٢٣٩) .