التي تحكم الناس ، وهذه لا يجوز لأحد أن يسنّ منها شيئا إلّا على ضوء شرع الله ، ومن خلال رسالته.
وبعد أن يهدّد القرآن ـ في آية سبقت ـ الذين يثيرون الصراعات السلبية ، أو يشرّعون القوانين ، يتوعّدهم ربنا في هذه الآية بعذابه الأليم ، محذرا لهم من أنّ تأجيل العذاب ليس دليلا على الإهمال ، إنّما لأنّه وعدهم بإعطائهم الفرصة لبيان طبيعتهم ، والتي لولاها لأخذهم بالعذاب فور المعصية.
(وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)
وتكاد تتميّز هذه الكلمات إنذارا ، فلو لا عهد الله على نفسه بإعطاء الفرصة لهم لكفت هذه الجريمة (ابتداع نظرية في غير إطار الشريعة) سببا للقضاء عليهم قضاء تاما ، ولكنّ تلك الكلمة وذلك العهد يؤجّل العذاب العظيم ولا يرفعه أبدا ، وإنّ الشرك ظلم بذاته وهو ينتهي الى الظلم أيضا ، إذ لا يمكن للنظام الشركي أن يكون عادلا أبدا ، ونستوحي هذه البصيرة من تبديل كلمة المشركين بالظالمين.
[٢٢] وفي يوم القيامة حيث تنصب الموازين الحق للجزاء يخاف الظالمون من أعمالهم السيئة التي اجترحوها في الدنيا ، فهي حينئذ تصير ألوانا من العذاب ، ولكن هل يمنع هذا الخوف عنهم شيئا؟ كلّا .. بلى. لو أنّهم خافوا من ارتكاب المعاصي في الدنيا لنفعهم خوفهم لأنّه حينذاك يصير سببا للتقوى ، أمّا يوم القيامة فلا ..
(تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ)
أي ينزل عليهم سواء أشفقوا أم لم يشفقوا.