فمن أجل تلافي معظم الصراعات البشرية لا بد من معالجة نقطة الضعف الرئيسية عندهم وهي عبادة الثروة لكي لا تصبح أداة السلطة الفاسدة ، وسببا للحروب التي أفنت لحدّ الآن أضعاف ما أفنته سائر أسباب الوفاة كالمجاعات والأمراض ، والكوارث الطبيعية ، ولو حاولنا التقرّب الى هذه الفكرة أكثر يجب أن نعرف بأنّ مصطلح المصالح الأمريكية ، أو المصالح الروسية أو ما إلى ذلك هو التعبير الواضح عن اللهث وراء الدنيا ، أو لم تدفع هذه المصالح الإدارة الاميركية لقتل الملايين في فيتنام وكمبوديا والسلفادور و.. و..؟ أو لم تدعوا هذه المصالح الحزب الشيوعي الروسي لقتل الملايين في أفغانستان وغيرها؟!
[٢١] ثم هل يكتفي الإنسان بخوض الصراعات ، وإفساد البلاد والعباد ، وحسب؟ كلّا .. بل يسعى لتبرير تصرفاته ومواقفه من خلال دين يصطنعه لنفسه ، ولو درسنا الواقع الثقافي والإعلامي في عالم اليوم لانتهينا الى نتيجة واحدة ، هي أنّ أكثر الأيديلوجيات والثقافات منتزعة من الواقع المصلحي للإنسان ، فمن أجل حماية مصالحهم تجد هذه الدولة أو ذلك الحزب يبتدعون الأفكار والنظريات المختلفة ، فإذا بالصعاليك يؤسّسون نظرية الصراع الطبقي ، بينما يبتدع المترفون إديولوجية النخبة ، والقرآن يستنكر هذا النهج ويعتبره صورة من صور الشرك.
(أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ)
إنّ الشريعة التي ينبغي للإنسان اتباعها والخضوع لها هي الموحاة من الله وحده ، أمّا الشرائع والقوانين التي يبتدعها البشر ولا يرتضيها الرب فإنّ اتباعها شرك به عزّ وجل ، والتدبر العميق في هذه الآية يهدينا الى أنّ الذي يشرّع قانونا مخالفا لشرع الله إنّما ينصب نفسه إلها من دونه ، والذي يسمّى في القرآن دينا ليس القوانين الفيزيائية والكيميائية ، إنّما القوانين السياسية والاجتماعية والاقتصادية و.. و..