أمّا الشركاء الذين عبدتموهم من دون الله فلن ينفعوكم أبدا لأنّهم لا يملكون شيئا من الحكم.
[١٣] وليس الله بعيدا عن البشر ولا مجهولا لمن يستثير عقله حتى يشرك به الإنسان ، فرحمته المعنوية التي تتمثل في الهداية مهيئة لنا في كلّ شيء وفي كلّ حين ، إذ كلّ شيء آية تهدينا الى ربنا ، ورحمته المادية التي تتجسد في أنواع الرزق هي الأخرى تتنزّل علينا من السماء وتحوطنا من كل جانب. ويبقى الإنسان مع ذلك يشرك بربّه ولا ينتفع من كل ذلك ، إلّا إذا كان مؤمنا به منيبا إليه.
(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ)
والمنيب هو الذي يرجع الأمور الى الله ، ويتوب إليه كلّما أدركه النسيان أو الخطأ ، أمّا المشرك فإنّه لا ينتفع بهذه الآيات ولا بهذه النعم حتى يحصل على معرفة ربّه ، لأنّه ينسب كلّ ذلك الى الشركاء ، فإذا به يعتقد أنّ منبع رزقه هو صاحب المال والسلطة ، أو يرجع الرزق الى حتميّات وعوامل من عنده فلا يشكر ربّه ولا يتذكره بها.
[١٤] ولمّا كان الشرك يحرف مسيرة الإنسان في الحياة ، ويوجّهه لغير الله ولغير الحق ، أكّد ربنا على ضرورة الإخلاص له في الإعتقاد بعيدا عن كلّ عوامل الشرك.
ولأنّ الضغوط التي يواجهها المؤمن الاجتماعية منها والسياسية والاقتصادية من قبل الآخرين من أهمّ تلك العوامل وأبلغها أثرا خصّصها بالذكر.
(فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)