وقد تكرّرت الآيات التي تشير الى ذلك لأنّ علاج الغرور والاسترسال وبالتالي الاستهزاء هو بيان نقاط ضعفهم ، قال ربّنا في سورة الأحقاف (٢٦) : «وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ» .
وقد قالت الصّدّيقة فاطمة الزهراء (ع) تصف حال العرب قبل الإسلام :
«وكنتم على شفا حفرة من النار ، مذقّة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطئ الأقدام ، تشربون الطرق ، وتقتاتون القدّ ، أذلة خاسئين ، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم ...» (١)
(وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ)
قالوا : أي سبق القول في تصريف الأمثال ، وبيان عبرة الأوّلين ، كما قال ربّنا سبحانه : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) (٢) .
ويحتمل أن يكون المعنى : أنّه قد تحقّق مثل الأوّلين ، وانتشرت عبرتهم في الآفاق مثلا ، والله العالم.
[٩] ويستمر استهزاؤهم بالحق في الوقت الذي يعترفون بأنّ من خلق السموات والأرض عزيز حكيم ، حيث تتجلّى عزّته في متانة الصنع ، كما تتجلّى حكمته في دقّة النظم.
__________________
(١) الإحتجاج / ج (١) ص (١٠٠) .
(٢) إبراهيم / (٤٥) .