لا يجعلها المسلم قيمة يقيس بها الأمور ، وآيات هذا الدرس تنسف العلاقة القائمة على أساس هذه القيمة الزائلة ، ذلك أنّ القيمة السليمة عند الله هي التي تمتدّ من الحياة الدنيا إلى الآخرة.
وإذا استطعنا إصلاح قيمة التجمّع أو الرابطة التي توصلنا ببعضنا فجعلناها الإيمان دون المصالح العاجلة ، ولا الإقليم ، والعنصر ، والشهوات ، والأهواء ، والعصبيّات ، فقد أقمنا فعلا المجتمع الربّاني المنشود.
ولقد جاءت رسالات السماء جميعا وفي طليعتها القرآن الكريم لتحقيق هذه الغاية السامية ، ولكن كيف؟ بتهوين الدنيا ، وحط شأنها ، لكي لا تصبح بما فيها من زخرف مقياسا ، ثمّ بالنهي عن اتخاذ المترفين فيها قادة ، وأخيرا ببيان الرابطة الشيطانية التي تنتهي بأصحابها الى النار.
وإذا كان حبّ الدنيا أرضيّة فإنّ قيادة المترفين الشجرة. أمّا ثمرتها فهي الصلة بين قرناء السوء.
ويبدو أنّ السياق ذكّرنا أوّلا بهوان الدنيا على الله (حتى أعطاها للكفّار) ثم أخذ يبصّرنا بحقيقة قرناء السوء في هذا الدرس ، حيث نستوحي منه بصائر حكيمة في الروابط الاجتماعية ، ذلك أنّ للعلاقة الاجتماعية ـ وبالذات تلك التي ترتكز عليها البنى التحتيّة للمجتمع ـ قاعدة ، فقد تكون الأرض قاعدة التجمّع فتنشأ الصلة الوطنيّة والإقليمية ، وقد تكون اللغة هي القاعدة فتنمو الحالة القوميّة ، وقد نكون المصالح العامّة التي تنمو وتتّسع الى الحالة الإمبريالية ، وقد تتجلّى في صورة الأمميّة البروليتاريّة.
والصلة التي تربط في هذه الحالات جميعا بين الإنسان والإنسان هي صلة مادية