ناشئة من التراب ، بينما رسالات الله تريد صلة أخرى هي صلة الروح ، صلة الحبّ الإلهي ، صلة القيم الربّانية ، وهذه الصلة قائمة على أساس ذكر الله.
وهي تستنزل رحمة الله ، وتنمّي قيم الفضيلة والخير والإحسان ، كما تحافظ على الحق والعدل والحرية ، بينما الصلات الأخرى تستدرج البشر الى نقمة الله ، وتطمس معالم الحق ، ولا تنمّي الخير ، بل وتساهم ـ عادة ـ في إشاعة الفحشاء ، وبثّ روح الاعتداء والظلم.
فإذا بحثنا عميقا في أسباب الشقاء والعداء وعوامل الصراع والحرب والاعتداء بين الناس ، سواء داخل التجمّع الواحد أو بين الأمم ، فلن نجدها سوى هذه الصلات الجاهلية النابعة من حبّ الدنيا وزخرفها.
والقرآن هنا يحذّرنا من الوقوع في هذه المهالك ، ويأمرنا بالتمسّك بالوحي ، فمن عشى عنه فقد قرن به شيطان ، يبعده عن السبيل ، ويزيّن له السيئات.
ويبدو أنّ باطن هذه الآيات التبصير بدور القرين في حياة الإنسان ، والقرين قد يكون زوجة أو زوجا أو صاحب السبيل أو زميل الدراسة أو شريك التجارة أو الجليس والأنيس ، والإسلام يأمرنا بذكر الله حتى يكون معيار اتخاذ القرين ربانيّا ، لأنّه حسب ما يكون الإنسان يختار أقرانه ، وكما يقول الإمام أمير المؤمنين (ع) : «كلّ امرء يميل إلى مثله» .
«لا يصحب الأبرار إلّا نظراؤهم» .
«لا يوادّ الأشرار إلّا أشباههم» (١) .
__________________
(١) ميزان الحكمة / ج (٥) ص (٢٩٨) .