عليها ، ويهشّ بها على غنمه ، غافلا عن أنّ قيادة الحياة ليست للأغنى أو الأعتى بل للأصلح.
وتتناسب هذه الآيات والآية التي تقول : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) لأنّ أهل الجاهلية كما فرعون اعتقدوا بأنّ الأصلح للحكم هو الأغنى وليس الأصلح الأقرب إلى الله عزّ وجل.
كما هي مثل للقرين الذي يقيّضه الله لمن يعشو عن ذكره ، حيث أنّ فرعون حين وجد قوما فاسقين استخفّهم ، وأثار فيهم النزعات الشرّيرة والشهوات العقيمة ، فقال لهم : ألا ترون ـ يا قومي ـ أنّي أملك مصر ، كما بيدي تنظيم أنهارها. هل أنا خير أم هذا الذي لا يتزيّن بأسورة من ذهب ، ولا تصفّ وراءه جنوده (من الملائكة)؟!
وهكذا يصدّ الطغاة (وهم قرناء السوء) الغافلين عن ذكر ربّهم ، ويزيّنون لهم سوء أعمالهم ليحسبوا أنّهم مهتدون!
وأخيرا : يضرب القرآن بهذه الآيات مثلا لعاقبة المستهزئين بالرسالات ، الذين ازيّنت الدنيا في أعينهم ، فعبدوها وقاسوا كلّ شيء بزخرفها ، كيف يحيط بهم ما عبدوه ، ويكون هلاكهم بما افتخروا به. ألا ترى كيف تبجّح فرعون بالأنهار التي تجري من تحته فأطاعه قومه بذلك فأغرقهم الله فيها؟! هكذا يضرب الله للناس الأمثال.
وللسياق هنا محوران : الأول : ما يتعلّق بموسى (ع) وفرعون ، الثاني : ما يرتبط بفرعون وملئه ، الذين لم يتدخّلوا لحسم الحوار للحق ، فاستحقّوا العذاب بسبب سكوتهم عن فرعون واتباعهم له.