لأحد إلّا من شهد بالحق له سبحانه ، هؤلاء ..
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ)
فالله يحاكمهم ، وأفضل حكم فطرتهم ، فيقول لهم : من خلقكم؟ ولا يملكون ان يقولوا غيره سبحانه.
لقد كانوا يعترفون بأنّ الله خالق السموات والأرض ، ولكنّهم كانوا يزعمون ـ مع ذلك ـ وجود قدرة ذاتية لسواه ، شأنهم شأن أغلب البشر اليوم حيث أنّهم يغترّون بمظاهر القوة عند الطغاة والمتجبّرين ، فيخضعون لهم ، ويذرون حكم الله الحق الى أحكامهم الجائرة.
[٨٨] لقد بلغ الاهتمام بشأن الدعوة عند الرسول (ص) حدّا جأر الى الله ، وأخذ يشكو اليه عدم إيمان قومه.
(وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ)
ولعلّ التعبير ب «قوم» للدلالة على أنّهم اجتمعوا على ترك الإيمان.
[٨٩] فكيف ينبغي التعامل مع قوم لا يؤمنون؟
تحدّد الآية الأخيرة من هذه السورة العلاقة السليمة معهم ، قائلة :
(فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)
إنّها علاقة العفو عن جرائمهم بحقّه ، والسلام معهم ، والمؤمن يحمل في داخله قلبا يسع الدنيا ويزيد ، لأنّ نظره الى الآخرة ، ولا يأبه بما يجري حوله هنا.