وقد كانوا يريدون من وراء ذلك الضغط عليهم لكي يتنازلوا عن مسيرتهم الثورية ، ويتخلّوا عن الجهاد تحت راية الحركة الرسالية وقيادتها المتمثلة في نبيّ الله موسى (ع) ، وهذا من أهمّ ما يتوسل به الطغاة في خططهم الرامية لمواجهة الحركات الجهادية عبر التاريخ ، ولكن إذا استقامت الجماهير وواجهت طلائعها الضغوط بوعي وحزم استطاعت إفشال خطط الطغاة.
(وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ)
والكيد هو الخطة الماكرة التي يستهدف صاحبها النيل من عدوّه ، وربّنا يصف كيد الكافرين والطغاة (كفرعون) بأنّه لا ينتهي الى النتيجة التي يتطلعون إليها ، بل ربما جاءت النتيجة مخالفة لمصالحهم ، لأنّ أمرهم يشبه من يرمي في الظلام ولا يدري لعلّه يقتل أقرب الناس إليه.
والسبب أنّ الخط الإستراتيجي العام للكفّار خط منحرف ، فكلّما حاولوا تكتيكيّا أن يخططوا لأنفسهم انتهت خططهم للفشل بسبب انحراف أفكارهم ، كما لو افترضنا شخصا يريد الذهاب الى مدينة تقع شمالا ولكنّه يتحرك باتجاه الجنوب ، فإنّه مهما حاول أن يكون تحركه دقيقا ومدروسا فلن يصل الى هدفه المنشود ، وفكر الكفّار خاطئ لأنّهم يكفرون بالنقطة المحورية في الخليقة وهي الإيمان بالله عزّ وجل.
[٢٦] فالجانب الأول من خطتهم أن يفصلوا الناس عن الحركة الرسالية من خلال الإرهاب والضغوط ، أمّا الجانب الثاني منها والذي يستهدف القضاء على التحرّك الثوري في المجتمع فهو القضاء على النبي موسى (ع) محور الحركة وقائدها.
(وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى)