والكتمان ويستنكر عليهم قرارهم المنحرف.
(أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ)
وهذا هو الحقّ والواقع.
(وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ)
ثم إنّ دعوته لم تكن مجردة ، إنّما كانت مدعمة بالأدلة والبراهين التي تؤكد صدقها ، وإنها ليست من عند موسى نفسه بل من ربّ الخلائق ، ولعل هذا الحدث كان ذا أثر عميق على فرعون وقادة نظامه ، أن ينهض من بينهم شخص يؤيد المعارضة وينتمي لها.
من هنا ينبغي لأولئك الذين يتوبون لله من أعوان الظلمة ، أن يدركوا أهمية كتمانهم ، فلا يظهرون قرارهم بالتوبة ، وإنّما يبعثون بشخص موثوق أو برسالة ، أو يلتقون هم بأنفسهم بالقيادة الدينية الواعية ، ويستطلعون رأيها ، ويعرفون مسئوليتهم والدور المناسب الذي يجب أن يمارسوه ، كما فعل نعيم بن مسعود الأشجعي الذي جاء الى رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله! إنّي قد أسلمت ولم يعلم بي أحد من قومي ، فمرني بأمرك ، فقال له رسول الله (ص) إنّما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا ما استطعت (يعني شط الأعداء وجبنهم) فإنّما الحرب خدعة ، فانطلق نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة فقال لهم : إنّي لكم صديق والله ما أنتم وقريش وغطفان من محمد (ص) بمنزلة واحدة. إنّ البلد بلدكم وبه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم ، وإنّما قريش وغطفان بلادهم غيرها ، وإنّما جاؤوا حتى نزلوا معكم فإن رأوا فرصة انتهزوها ، وإن رأوا غير ذلك رجعوا إلى بلادهم وخلّوا بينكم وبين الرجل ولا طاقة لكم به ، فلا تقاتلوا حتى تأخذوا رهنا من أشرافهم تستوثقون به أن لا