ثم ولي يزيد بن عبد الملك بن مروان (١) فولى ابن هبيرة الفزاري العراق فاستعمل ابن هبيرة على سجستان القعقاع بن سويد بن عبد الرحمن بن أويس بن بجير بن أويس المنقري من أهل الكوفة.
ثم عزل ابن هبيرة القعقاع وولى السيّال بن المنذر بن النعمان الشيباني ، وفي كل هذه السنين رتبيل ممتنع عليهم.
وولى هشام بن عبد الملك بن مروان (٢) ، فولى العراق خالد بن عبد الله القسري (٣) ، فولى سجستان يزيد بن الغريف الهمداني من أهل الأردن ورتبيل ممتنع.
__________________
(١) عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي ، القرشي ، أبو الوليد ، من أعاظم الخلفاء ودهاتهم ، ولد سنة ٢٦ ه / ٦٤٦ م ، نشأ في المدينة ، فقيها واسع العلم ، متعبّدا ، واستعمله معاوية على المدينة وهو ابن ١٦ سنة ، انتقلت إليه الخلافة بموت أبيه سنة ٦٥ ه ، فضبط أمورها وظهر بمظهر القوة ، فكان جبارا على معانديه ، قوي الهيبة ، اجتمعت عليه كلمة المسلمين بعد مقتل مصعب وعبد الله ابني الزبير في حربهما مع الحجاج الثقفي ، ونقلت في أيامه الدواوين من الفارسية والرومية إلى العربية ، وضبطت الحروف بالنقط والحركات ، وهو أول من صك الدراهم ، وكان يقال : معاوية للحلم ، وعبد الملك للحزم ، ومن كلام الشعبي : ما ذاكرت أحدا إلا وجدت لي الفضل عليه ، إلا عبد الملك ، فما ذاكرته حديثا ولا شعرا إلا زادني فيه ، وكان أبيض طويلا ، أعين رقيق الوجه ، أفوه مفتوح الفم مشبّك الأسنان بالذهب ، مقرون الحاجبين ، مشرف الأنف ، ليس بالنحيل ولا البدين ، أبيض الرأس واللحية ، ونقش خاتمة «آمنت بالله مخلصا». توفي في دمشق سنة ٨٦ ه / ٧٠٥ م.
(٢) هشام بن عبد الملك بن مروان من ملوك الدولة الأموية في الشام ، ولد في دمشق سنة ٧١ ه / ٦٩٠ م ، وبويع فيها بعد وفاة أخيه يزيد سنة ١٠٥ ه ، وخرج عليه زيد بن علي بن الحسين سنة ١٢٠ ه ، بأربعة عشر ألفا من أهل الكوفة ، فوجّه إليه من قتله وقلّ جمعه ، ونشبت في أيامه حرب هائلة مع خاقان الترك في ما وراء النهر ، انتهت بمقتل خاقان واستيلاء العرب على بعض بلاده ، واجتمع في خزائنه من المال ما لم يجتمع في خزانة أحد من ملوك بني أمية في الشام ، وبنى الرصافة على أربعة فراسخ من الرقة غربا ، وهي غير رصافتي بغداد والبصرة ، وكان يسكنها في الصيف ، وتوفي فيها سنة ١٢٥ ه / ٧٤٣ م ، وكان حسن السياسة ، يقظا في أمره ، يباشر الأعمال بنفسه ، من كلامه «ما بقي عليّ من لذات الدنيا إلا أخ أرفع مؤنة التحفظ بيني وبينه».
(٣) خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد القسري ، من بجيلة ، أبو الهيثم ولد سنة ٦٦ ه / ٦٨٦ م ، أمير العراقين ، وأحد خطباء العرب وأجوادهم ، يماني الأصل ، من أهل دمشق ، ولي مكة سنة ٨٩ ه ، للوليد بن عبد الملك ، ثم ولاه هشام العراقين (الكوفة والبصرة) ، وطالت مدته إلى أن عزله هشام سنة ١٢٠ ه ، وولى مكانه يوسف بن عمر الثقفي وأمره أن يحاسبه ، فسجنه يوسف وعذّبه بالحيرة ، ثم قتله في أيام الوليد بن يزيد ، وكان خالد يرمى بالزندقة ، وكان ذلك سنة ١٢٦ ه / ٧٤٣ م.