فكتب بعهده على خراسان وكان قبل ذلك يتولى كورة من كور خراسان ، فعزل جعفر بن حنظلة وتولى البلد ، وأخذ يحيى بن زيد بن علي بن الحسين (١) من بلخ فحبسه في القهندز ، وكتب إلى هشام فوافى كتابه وقدمات هشام ، وولي الوليد بن يزيد بن عبد الملك.
واحتال يحيى بن زيد حتى هرب من الحبس وصار إلى ناحية نيسابور ، فوجه نصر بن سيار سلم بن أحوز الهلالي فلحقه بالجوزجان فحاربه وأتي بسهم غرب فقتل يحيى بن زيد وصلبه سلم بن أحوز على باب الجوزجان ، فلم يزل يحيى بن زيد مصلوبا ، حتى غلب أبو مسلم فأنزله وكفنه ودفنه وقتل كل من شايع على قتله ، وكثرت دعاة بني هاشم بخراسان في سنة مائة وست وعشرين.
وحارب نصر بن سيار جديع بن علي الكرماني الأزدي (٢) ، وقتل الوليد وولي يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان وأمر خراسان مضطرب ودعاة بني هاشم قد كثروا ، ونصر بن سيار قد اعتزله ربيعة واليمن.
__________________
(١) يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه المولود سنة ٩٨ ه / ٧١٦ م ، أحد الأبطال الأشداء ، ثار مع أبيه على بني مروان ، وقتل أبوه وصلب بالكوفة ، فانصرف إلى بلخ ، ودعا إلى نفسه سرا ، فطلبه أمير العراق يوسف بن عمر فقبض عليه نصر بن سيار ، وكتب يوسف إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، بخبره ، فكتب الوليد يأمره بأن يؤمنه ويخلي سبيله ، فأطلقه نصر ، وأمره أن يلحق بالوليد ، فسار إلى سرخس فأبطأ بها ، فكتب نصر إلى عامل سرخس أن يسيره عنها ، فانتقل يحيى إلى بيهق ثم إلى نيسابور ، وامتنع ، فقاتله واليها عمرو بن زرارة وهو في عشرة آلاف ويحيى في سبعين رجلا ، فهزمهم يحيى ، وقتل عمرا ، وانصرف إلى هراة ، ثم سار عنها ، فبعث نصر بن سيار صاحب شرطته سلم بن أحوز المازني التميمي في طلبه ، فلحقه في الجوزجان فقاتله قتالا شديدا ، ورمي يحيى بسهم أصاب جبهته فسقط قتيلا ، في قرية يقال لها : أرغويه ، وحمل رأسه إلى الوليد ، وصلب جسده بالجوزجان ، وبقي مصلوبا إلى أن ظهر أبو مسلم الخراساني واستولى على خراسان ، فقتل سلم بن أحوز وأنزل جثة يحيى فصلى عليها ودفنت هناك كان ذلك سنة ١٢٥ ه / ٧٤٣ م.
(٢) جديع بن علي الأزدي المعني ، شيخ خراسان ، وفارسها في عصره ، وأحد الدهاة الرؤساء ، ولد بكرمان ، وإليها نسبته ، وأقام في خراسان إلى أن وليها نصر بن سيار ، فخاف شرّ الكرماني فسجنه ، فغضبت الأزد فأقسم لهم نصر أنه لا يناله منه سوء ، وفرّ جديع من السجن ، فاجتمع معه ثلاثة آلاف ، فصالحه نصر ، فأقام زمنا يؤلف الجموع سرا ، ثم خرج من جرجان وتغلّب على مرو ، فصفت له ، وظهر أبو مسلم الخراساني ، فاتفق معه على قتال نصر ، فكتب نصر إلى جديع يدعوه إلى الصلح ، فرضي به ، وخرج ليكتبا بينهما كتابا ومعه مئة فارس فوجّه إليه نصر ثلاثمائة فارس قتلوه في الرحبة سنة ١٢٩ ه / ٧٤٧ م.