إلى الرشيد وقبض أمواله فحملها وولى هرثمة بن أعين البلخي خراسان في سنة إحدى وتسعين ومائة.
ثم خرج الرشيد إلى خراسان واستخلف ابنه محمدا الأمين ببغداد وأخرج معه المأمون إلى خراسان وخرجت العساكر معه ، فلما صار إلى طوس اعتل فاشتدت به العلة فأنفذ المأمون ومعه هرثمة والقواد إلى مرو ، وتوفي الرشيد بطوس في جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة فقبره بطوس.
وأقام المأمون بمرو عاملا على خراسان وكورها وسائر أعمالها وأنفذ هرثمة بن أعين إلى سمرقند لمحاربة رافع بن الليث بن نصر بن سيار الليثي فلم يزل يحاربه حتى فتح سمرقند ، وخرج رافع في الأمان فحمله هرثمة إلى المأمون وحمله المأمون إلى محمد وكتب إليه بالفتح.
وأقام المأمون بمرو بقية سنة ثلاث وتسعين ومائة وسنة أربع وتسعين ومائة ، ثم كتب إليه محمد في القدوم إلى بغداد ، ووجه إليه العباس بن موسى بن عيسى ومحمد بن عيسى بن نهيك وصالحا صاحب المصلى فامتنع المأمون من القدوم وقال : هذا نقض الشرط.
فوجه إليه عصمة بن أبي عصمة السبيعي في جيش ، فأقام عصمة بالرّيّ لم يبرح ، فوجه علي بن عيسى بن ماهان وكان قد أطلقه إلى خراسان.
فلما بلغ المأمون ذلك وجه طاهر بن الحسين بن مصعب البوشنجي من مرو في أربعة آلاف فلقي علي بن عيسى بالرّيّ فقتله.
ثم وجه المأمون هرثمة بن أعين أيضا إلى العراق ، ولم يزل المأمون بمرو مقيما
__________________
ـ إلى تيهرت فقاتله ابن الجارود ، وظفر هرثمة ، وأطاعته قبائل البربر ، فعاد إلى القيروان وبنى فيها القصر المعروف بالمنستير على يد زكريا بن قادم ، وبنى سور طرابلس الغرب ، واستمر واليا على أفريقيا سنتين ونصفا ، وطلب من الرشيد أن يعفيه ، فنقله سنة ١٨١ ه ، وعقد له على خراسان ، فأقام فيها ، وولاه غزو الصائفة سنة ١٩١ ه ، ثم ولاه ما كان لابن ماهان ، فانتقل إلى مرو سنة ١٩٢ ه ، ولما بدأت الفتنة بين الأمين والمأمون ، انحاز إلى المأمون ، فقاد جيوشه وأخلص له الخدمة حتى سكنت الفتنة بمقتل الأمين ، وانتظمت الدولة للمأمون ، فنقم عليه أميرا ، قيل : اتّهمه بممالأة إبراهيم بن المهدي أو بالتراخي في قتال الطالبيين وأبى السرايا ، فدعاه إليه ، وشتمه ، وضربه ، وحبسه ، وكان الفضل بن سهل يبغضه ، فدس إليه من قتله في الحبس سرا بمرو سنة ٢٠٠ ه / ٨١٦ م.