عليها من سنة ثمان وأربعين ومائتين إلى سنة تسع وخمسين ومائتين ، وقد كانت الأمور اضطربت بخروج الحسن بن زيد الطالبي (١) بطبرستان وغيره وخروج يعقوب بن الليث الصفار بسجستان وتخطيه إلى كور خراسان.
ثم سار يعقوب بن الليث الصفار (٢) إلى نيسابور في شوال سنة تسع وخمسين ومائتين فقبض على محمد بن طاهر واستوثق منه ومن أهل بيته وقبض أموالهم وما تحويه منازلهم وحملهم في الأصفاد إلى قلعة بكرمان يقال لها : قلعة «بم» ، فلم يزالوا في تلك الحال حتى مات الصفار وخلت خراسان منهم ، وصار بها عمرو بن الليث (٣)
__________________
ـ ٢٤٨ ه ، وحاربه يعقوب الصفّار فأسره ، وخلص من الأسر يوم هزيمة الصفّار سنة ٢٦٤ ه ، وأعيد إلى الإمارة سنة ٢٧١ ه ، وعزل في آخر أيامه ، فعاش خاملا في بغداد إلى أن توفي سنة ٢٩٨ ه / ٩١١ م.
(١) الحسين بن زيد بن محمد بن إسماعيل الحسني العلوي ، مؤسس الدولة العلوية في طبرستان ، كان يسكن الرّيّ فحدثت فتنة بين صاحب خراسان ، وأهل طبرستان سنة ٢٥٠ ه ، فكتب إليه هؤلاء يبايعونه ، فجاءهم وزحف بهم على آمد من ديار بكر ، فاستولى عليها وكثر جمعه ، فقصد سارية بقرب جرجان ، فملكها بعد قتال عنيف ، ووجّه جيشا إلى الرّيّ فملكها ، وذلك في أيام المستعين العباسي ، ودامت إمرته مدة عشرين عاما ، كانت كلها حروبا ومعارك ، أخرج في خلالها من طبرستان وعاد إليها ، وتوفي بها سنة ٢٧٠ ه / ٨٨٤ م ، وكان حازما مهيبا ، مرهوب الجانب ، فاضل السيرة ، حسن التدبير.
(٢) يعقوب بن الليث الصفّار ، أبو يوسف ، من أبطال العالم ، وأحد الأمراء الدهاة الكبار ، كان في صغره يعمل الصفرة أي النحاس في خراسان ويظهر الزهد ، ثم تطوّع في قتال الشراة ، فانضوى إليه جمع ، فظفر في معركة معهم ، وأطاعه أصحابه ، واشتدت شوكته فغلب على سجستان سنة ٢٤٧ ه ، ثم امتلك هراة وبوشنج ، واعترضته الترك ، فقتل ملوكهم وشتت جموعهم ، فهابه أمير خراسان ، وغيره من أمراء الأطراف ، ثم امتلك كرمان وشيراز ، واستولى على فارس ، فجبى خراجها ، ورحل عنها إلى سجستان قاعدة ملكه ، وكتب إلى الخليفة ببغداد ، وهو يومئذ المعتزّ بالله يعرض طاعته ويقدم له هدايا من نفائس غنمها بفارس ، وفي سنة ٢٥٩ ه ، انتحل لنفسه عذرا في اقتحام نيسابور ، فدخلها عنوة ، وقبض على أميرها محمد بن طاهر ، آخر الأمراء من هذه الأسرة ، وتمّ له ملك خراسان ، وفارس ، فطمع ببغداد ، فزحف إليها بجيشه ، وكان الخليفة فيها المعتمد على الله ، فخرج جيش المعتمد ونشبت بينهما حرب طاحنة ، ولم يظفر الصفّار ، فعاد إلى واسط ينظر في شؤون إمارته الواسعة ، فتوفي في جنديسابور من بلاد خوزستان سنة ٢٦٥ ه / ٨٧٩ م ، وكان الحسن بن زيد يسميه «السندان» لثباته.
(٣) عمرو بن الليث الصفّار ثاني أمراء الدولة الصفّارية ، وأحد الشجعان الدهاة ، ولي بعد وفاة مؤسس الدولة أخيه يعقوب بن الليث سنة ٢٦٥ ه ، وأقره المعتمد العباسي على أعمال أخيه ـ