بغداد على سبعة فراسخ وبها إيوان (١) كسرى أنوشروان (٢) ، ولم يكن ببغداد إلا دير على موضع مصبّ الصراة (٣) إلى دجلة الذي يقال له : قرن الصراة ، وهو الدير الذي يسمى الدير العتيق ، قائم بحاله إلى هذا الوقت ، نزله الجاثليق (٤) رئيس النصارى النسطورية (٥).
ولم تكن أيضا بغداد في أيام العرب لمّا جاء الإسلام لأن العرب اختطت البصرة ، والكوفة (٦) ، فاختط الكوفة سعد بن أبي وقاص الزهري (٧) في سنة سبع عشرة ، وهو عامل عمر بن الخطاب (٨).
__________________
ـ ملوك الساسان. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٨٨).
(١) إيوان : جمعها إيوانات وأواوين ، وهو المكان المتّسع من البيت يحيط به ثلاثة حيطان ، أو القصر ومنه إيوان كسرى. (المنجد في اللغة والأعلام ، مادة : ايو).
(٢) أنو شروان : هو كسرى الأول أو خسرو أنوشروان ، ملك ساساني ، ٥٣١ ـ ٥٧٩ م ، هو ابن قباذ ، حارب يوستينيانوس واحتلّ أنطاكية. عقد هدنة مع البيزنطيين سنة ٥٥٥ م. استولى على اليمن سنة ٥٧٠ م ، واشتهر بعدله وإصلاحاته. (المنجد في اللغة والأعلام ٤٦٣).
(٣) الصّراة : بالفتح ، يقال للماء إذا كثر مكثه واستنقاعه ، وهو موضع ماء ببغداد قرب نهر دجلة.(معجم البلدان ج ٣ / ص ٤٥٣).
(٤) الجاثليق : أو الجثليق وجمعها جثالقة : هو متقدّم الأساقفة النصارى. لفظ يوناني الأصل.
(٥) النسطورية : أو الآشوريون طائفة من المسيحيين ينتسبون إلى نسطور بطريرك القسطنطينية.
سكنوا الموصل وأرمينيا ، نشروا المسيحية في إيران ، والهند ، والصين. انضم قسم منهم إلى الكثلكة في القرن السادس عشر وهم الكلدان ، تشتتوا بعد الحرب العالمية الأولى ١٩١٤ م.
(٦) الكوفة : بالضم ، المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق ويسمّيها قوم خدّ العذراء. قيل : سمّيت الكوفة لاستدارتها أخذا من قول العرب : رأيت كوفانا للرميلة المستديرة. وقيل : سمّيت الكوفة كوفة لاجتماع الناس بها من قولهم : قد تكوّف الرمل. وقيل : كوفة أي قطعة من الأرض. أما تمصيرها وأوليته فكانت في أيام عمر بن الخطّاب رضي الله عنه في السنة التي مصرّت فيها البصرة وهي سنة ١٧ ه. وقيل : إنها مصرّت بعد البصرة بعامين في سنة ١٩ ه.
وكان عمر بن الخطاب قد أمر ببنائها والبصرة. قيل : لما فرغ سعد بن أبي وقاص من وقعة رستم بالقادسية. قال له ابن بقيلة : هل أدلّك على أرض انحدرت عن الفلاة وارتفعت عن المبقّة؟ قال : نعم ، فدلّه على موضع الكوفة اليوم ، وكان يقال له سورستان فأعجبه فولى السائب بن الأقرع وأبا الهيّاج الأسدي خطط الكوفة. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٥٥٧).
(٧) سعد بن أبي وقاص. مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي الزهري ، من أخوال النبي صلّى الله عليه وسلّم فهو من بني زهرة أهل آمنة بنت وهب أم النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وقد كان صلّى الله عليه وسلّم يعتزّ بهذه الخؤولة ، أبو إسحاق ، هو أحد العشرة المبشّرين بالجنة ، وأوّل من رمى بسهم في سبيل الله ، وأحد الستة الذين عيّنهم عمر بن الخطاب للخلافة ، ويقال له : فارس الإسلام.
(٨) عمر بن الخطّاب بن نفيل القرشي العدوي المولود سنة ٤٠ ق. ه / ٥٨٤ م ، أبو حفص ، ثاني ـ