وشهاب بن كثير بحضرة نوبخت ، وإبراهيم بن محمد الفزاري (١) ، والطبري المنجمين أصحاب الحساب.
وقسم الأرباض (٢) أربعة أرباع ، وقلّد للقيام بكل ربع رجلا من المهندسين ، وأعطى أصحاب كل ربع مبلغ ما يصير لصاحب كل قطيعة من الذرع ، ومبلغ ذرع ما لعمل الأسواق في ربض ربض.
فقلّد الربع من باب الكوفة إلى باب البصرة ، وباب المحوّل (٣)
__________________
ـ خطيب. ولد سنة ٤٠ ه / ٦٦٠ م ونشأ في الطائف بالحجاز ، وانتقل إلى الشام فلحق بروح بن زنباع نائب عبد الملك بن مروان فكان في عديد شرطته ، ثم ما زال يظهر حتى قلّده عبد الملك أمر عسكره ، وأمره بقتال عبد الله بن الزبير ، فزحف إلى الحجاز بجيش كبير وقتل عبد الله وفرق جموعه ، فولّاه عبد الملك مكة ، والمدينة ، والطائف ، ثم أضاف إليها العراق والثورة قائمة فيه ، فانصرف إلى بغداد في ثمانية أو تسعة رجال على النجائب ، فقمع الثورة وثبتت له الإمارة عشرين سنة. وبنى مدينة واسط بين الكوفة والبصرة. كان سفّاحا سفّاكا باتفاق معظم المؤرخين. قال عبد بن شوذب ، ما رؤي مثل الحجّاج بن يوسف لمن أطاعه ، ولا مثله لمن عصاه. وقال أبو عمرو بن العلاء : ما رأيت أحدا أفصح من الحسن البصري والحجاج بن يوسف. وذكر ياقوت في معجم البلدان : أنه ذكر الحجاج عند عبد الوهاب الثقفي بسوء ، فغضب وقال : إنما تذكرون المساوئ! أو ما تعلمون أنه أول من ضرب درهما عليه : «لا إله إلا الله محمد رسول الله» ، وأول من بنى مدينة بعد الصحابة في الإسلام ، وأول من اتخذ المحامل ، وقيل : إن امرأة من المسلمين سبيت في الهند فنادت يا حجّاجاه ، فاتّصل به ذلك ، فجعل يقول : لبيك لبيك! وأنفق سبعة آلاف ألف درهم حتى أنقذ المرأة. واتخذ المناظر بينه وبين قزوين ، فكان إذا دخن أهل قزوين دخنت المناظر إن كان نهارا ، وإن كان ليلا أشعلوا نيرانا فتجرد الخيل إليهم ، فكانت المناظر متصلة بين قزوين وواسط ، وأصبحت قزوين ثغرا حينئذ. مات بواسط سنة ٩٥ ه / ٧١٤ م ، وأجري على قبره الماء فاندرس.
(١) إبراهيم بن محمد الفزاري : هو إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة الفزاري ، أبو إسحاق ، من كبار العلماء. ولد في الكوفة وقدم دمشق وحدث بها. وكان من أصحاب الأوزاعي ومعاصريه. قال ابن عساكر : والفزاري هو الذي أدّب أهل الثغر (بيروت وأطرافها) وعلمهم السّنة ، ورحل إلى بغداد فأكرمه الرشيد وأجلّه ، ثم عاش مرابطا بثغر المصيصة ، ومات بها سنة ١٨٨ ه / ٨٠٤ م.
(٢) الأرباض : مفردها ربض وهو الناحية ، أو الضاحية. (القاموس المحيط ، مادة : ربض).
(٣) باب المحوّل : اشتقاقه واضح من حوّلت الشيء ، إذا نقلته من موضع إلى موضع : بليدة حسنة ، طيبة ، نزهة ، كثيرة البساتين ، والفواكه ، والأسواق ، والمياه بينها وبين بغداد فرسخ.
وباب المحوّل محلة كبيرة منفردة بجانب الكرخ ، وكانت متصلة بالكرخ أولا. (معجم البلدان ج ٥ / ص ٧٩).