المتوكل (١) ، والمستعين أحمد بن محمد بن المعصتم (٢) ، و [المعتز](٣) أبو عبد الله
__________________
(١) المستعين : هو أحمد بن محمد بن المعتصم بن هارون الرشيد ، أبو العباس ، أمير المؤمنين ، المستعين بالله ، من خلفاء الدولة العباسية في العراق.
ولد بسامرّاء سنة ٢١٩ ه / ٨٣٤ م ، وكانت إقامته فيها ، وبويع بها بعد وفاة المنتصر ابن المتوكّل سنة ٢٤٨ ه.
قال اليعقوبي : لم يكن يؤهل للخلافة ، ولكن لما توفي المنتصر استوحش الأتراك من ولد المتوكّل ، فبايعوه ، وأنكر بعض القواد البيعة ، ففرّق أموالا كثيرة ، فاستقامت أموره على أتم ما يرام.
وكان المتحكّم في الدولة على عهده أوتامش التركي ورجاله ، فثارت عصبة من الأتراك والموالي على أوتامش بموافقة المستعين ، فقتلوه وقتلوا شجاع بن القاسم سنة ٢٤٩ ه ، وكتب المستعين إلى الآفاق بلعنه.
وفي أيامه ظهر يحيى بن عمر الطالبي بالكوفة وقتل ، وقامت ثورات في الأردن ، وحمص ، والمعرّة ، والمدينة ، والروذان بين فارس وكرمان ، وانتقل إلى بغداد ، فغضب القواد وطلبوا عودته إلى سامرّاء ، فامتنع ، فنادوا بخلعه ، واتصلوا بالمعتزّ وكان سجينا بسامرّاء ، فأطلقوه وبايعوه ، وزحفوا لقتال المستعين ببغداد ، فانتشرت الفوضى فيها ، فخلع نفسه واستسلم للمعتزّ لقاء مال معلوم يدفع إليه.
ورحل إلى واسط بأمه وأهله في أوائل سنة ٢٥٢ ه ، فأقام عشرة أشهر ، ونقله المعتزّ إلى القاطول فسلّم فيها إلى حاجب يدعى سعيد بن صالح فضربه حتى مات سنة ٢٥٢ ه / ٨٦٦ م.
قال ابن شاكر : كان قبل الخلافة خاملا يرتزق بالنسخ ، وأورد له نظما ، وكان يلثغ بالسين يجعلها ثاء.
(٢) وردت في الأصل : «المعزّ» ، ولعلّ الصحيح ما أثبتناه.
(٣) المعتزّ : هو محمد المعتزّ بالله بن جعفر المتوكّل على الله بن المعتصم ، خليفة عباسي وهو أخو المنتصر بالله ، ولد في سامرّاء سنة ٢٣٢ ه / ٨٤٦ م ، وعقد له أبوه البيعة بولاية العهد سنة ٢٣٥ ه ، وأقطعه خراسان ، وطبرستان ، والرّيّ ، وأرمينية ، وأذربيجان ، وكور ، وفارس ، ثم أضاف إليه خزن الأموال في جميع الآفاق ، ودور الضرب ، وأمر أن يضرب اسمه على الدراهم ، ولما ولي المستعين بالله سنة ٢٤٨ ه سجن المعتزّ ، فاستمر إلى أن أخرجه الأتراك بعد ثورتهم على المستعين ، وبايعوا له سنة ٢٥١ ه ، فكانت أيامه أيام فتن وشغب ، وجاءه قواده فطلبوا منه مالا لم يكن يملكه ، فاعتذر ، فلم يقبلوا عذره ، ودخلوا عليه فضربوه ، فخلع نفسه ، فسلموه إلى من يعذّبه ، فمات بعد أيام شابا. قيل : اسمه الزبير ، وقيل : طلحة ، وكان فصيحا ، له خطبة ذكرها ابن الأثير في الكلام على وفاته. قال ابن دحية : كان فيه أدب وكفاية ، فلم ينفعه ذلك لقرب قرناء السوء منه ، فخلع ، وما زال يعذّب بالضرب حتى مات بسر من رأى ، وقيل : أدخل في الحمام فأغلق عليه حتى مات. مدّة خلافته ثلاث سنوات وستة أشهر وأربعة عشر يوما.