مختصا ، فالمعنوي الأضعف أولى ، وعلى الأول يجوز تقدير الكون باسم الفاعل وبالفعل ، فالتقدير في زيد عندك أو في الدار زيد كائن أو مستقر ، أو كان أو استقر ، فاختلف في الأولى منهما ، فرجح ابن مالك وغيره تقدير اسم الفاعل ؛ لأن الأصل في الخبر الإفراد والتصريح به في قوله :
٣٢١ ـ فأنت لدى بحبوحة الهون كائن
ولتعينه في بعض المواضع وهو ما لا يصلح فيه الفعل نحو : أما عندك فزيد وخرجت فإذا عندك زيد ؛ لأن أما وإذا الفجائية لا يليهما فعل ، ورجح ابن الحاجب تبعا للزمخشري والفارسي تقدير الفعل ؛ لأنه الأصل في العمل ، ولتعينه في الصلة ، وأجيب بالفرق فإنه في الصلة واقع موقع الجملة ، وفي الخبر واقع موقع المفرد ، ثم إن قدرت اسم الفاعل كان من قبيل الخبر المفرد وإن قدرت الفعل كان من قبيل الجملة فلا يخرج الخبر عن القسمين ، وقيل : هو قسم برأسه مطلقا ، وعليه ابن السراج.
الثانية : ذهب ابن كيسان إلى أن الخبر في الحقيقة هو العامل المحذوف ، وأن تسمية الظرف خبرا مجاز ، وتابعه ابن مالك هذا هو التحقيق ، وذهب الفارسي وابن جني إلى أن الظرف هو الخبر حقيقة ، وأن العامل صار نسيا منسيا ، وأجمعوا أن القولين جاريان في عمله الرفع هل هو له حقيقة أو للمقدر ، وفي تحمله الضمير هل هو فيه حقيقة أو في المقدر ، والأكثرون في المسائل الثلاث على أن الحكم للظرف حقيقة.
الثالثة : البصريون على أن الظرف يتحمل ضمير المبتدأ كالمشتق سواء تقدم أم تأخر ، وقال الفراء : لا ضمير فيه إلا إذا تأخر ، فإن تقدم فلا ، وإلا جاز أن يؤكد ويعطف عليه ويبدل منه ، كما يفعل ذلك مع التأخير ، ومن تأكيده متأخرا قوله :
٣٢٢ ـ فإنّ فؤادي عندك الدّهر أجمع
وسيأتي عمل الظرف والمجرور في الكتاب الرابع.
__________________
٣٢١ ـ البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ٨٤٧ ، وشرح ابن عقيل ص ١١١ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٩٩٣.
٣٢٢ ـ البيت من الطويل ، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص ١١١ ، والخزانة ١ / ٣٥٩ ، والسمط ص ٥٠٥ ، وشرح التصريح ١ / ١٦٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٤٦ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٢٥ ، ولكثير عزة في ديوانه ص ٤٠٤ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٢٠١ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٥٣٨.