بسفحها (١) ، ثم كثر بعد ذلك بابن
__________________
والدا الحافظين تقي الدين عبد الغني ، وضياء الدين محمد ، والفقيه محمد بن أبي بكر وهو ابن أخيه ، قاصدين نحو دمشق ، فلما وصلوا إليها كتب الشيخ أحمد إلى ابنه أبي عمر ليهاجر إليه بجميع أهله ، فخرج بهم حتى وصلوا إلى دمشق ، وكانوا نحوا من أربعين نفسا بين ذكر وأنثى ، وصغير وكبير. فأنزلهم الشيخ أحمد بظاهر باب شرقي من دمشق ، في مسجد أبي صالح ـ وهذا المسجد ينسب إلى أحد الصوفية العابدين أبي صالح الحنبلي الذي كان يلزم هذا المسجد ، وقيل إنه هو الذي وقفه ـ ثم أخذت جموع من المقادسة تقدم على مهاجر الشيخ أحمد ، حتى ضاق عليهم المسجد ، وتفشت بهم الأمراض المهلكة ، وتعادوا ، فأشير على الشيخ أحمد بالانتقال إلى سفح قاسيون فانشرح صدره لذلك ، وأمر ببناء الدّير هناك ، ليكون سكنا لهؤلاء المهاجرة ، فتم بناؤه في عامين ، وكان يسمى بدير الحنابلة ، ودير الصالحين ، ودير المقادسة ، ثم انتقل الجميع إليه.
وأصبح السّفح يعرف بالصالحية نسبة إلى مسجد أبي صالح ، أو نسبة إلى صلاح المقادسة الذين هم فيه.
وقد اهتم الملك العادل نور الدين محمود رحمة الله عليه بهؤلاء الناقلة ، فكان يكثر من زيارتهم ، والإحسان إليهم ، وبنى لهم مدرسة.
ولم تمض فترة وجيزة حتى ضاهت الصالحية مدينة دمشق في العلم ، فكثرت فيها المساجد ، والجوامع ، والمدارس. ومن أهمها :
المدرسة العمرية التي بناها الإمام ، الفقيه ، أبو عمر محمد ابن الشيخ أحمد ، وكان بها خزائن كتب نفيسة ، وقفها عدد من العلماء.
والمدرسة الضيائية (دار الحديث) التي بناها الحافظ الضياء ، ووقف بها خزانة كتب قيمة.
ودار الحديث الأشرفية التي بناها الملك الأشرف ابن الملك العادل.
وغيرها من دور الحديث والعلم ، حتى غدت الصالحية موئلا لأهل العلم ، ومقصدا لطلبته يرحلون إليها ، ويرتعون في رياضها.
القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية ـ من أماكن كثيرة منه ـ ، معجم البلدان ٣ / ٣٩ ، مراصد الاطلاع ٣ / ١٠٥٧.
(١) أي سفح جبلها قاسيون المشرف عليها.