سلطة الخلافة الإسلامية المركزية ، إلى أن دب الضعف في جسم تلك الخلافة ، وتفككت روابطها ، في العصر العباسي الثاني ، فاستقلت الولايات الكثيرة ، ومنها بلاد مصر والشام.
ففي سنة ٢٥٩ ولي أحمد بن طولون التركي مصر من قبل الخليفة ، ومن ثم ضم إليه الشام ، واستقل بتلك البلاد مؤسسا بذلك الدولة الطولونية التي امتدت من العراق شرقا إلى برقة غربا ، ومن آسيا الصغرى شمالا إلى بلاد النّوبة جنوبا ، وقد أكثر ملوكها من غزو بلاد الروم حتى خافهم أباطرتها ، وكانت أيام هذه الدولة أيام ازدهار للبلاد ، ورخاء للعباد ، ثم زالت رسوم هذه الدولة سنة ٢٩٢ على يد الخلافة العباسية.
وبعد أن خضعت تلك البلاد لسلطان الخليفة فترة من الزمن ، قامت فيها الدولة الإخشيدية سنة ٣٢٣ على يد محمد الإخشيد بن طغج ـ أحد أولاد ملوك فرغانة ـ نائب العباسيين في تلك الديار ، وكان لملوك هذه الدولة موقف جليل في صد حملات العبيديين الحربية لدخول مصر ، كما دانت لها بلاد الحجاز ، وقد قامت هذه الدولة بإصلاحات كثيرة ، ثم سقطت على يد العبيديين سنة ٣٥٨.
وكان الحمدانيون قد استولوا على حلب من الإخشيديين ، ودولة بني حمدان تأسست في بلاد الموصل سنة ٣١٧ على يد ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان الذي تولى إمرة الأمراء في بغداد ؛ كما أنها تأسست في حلب وتوابعها على يد سيف الدولة الحمداني أخي ناصر الدولة ، وقد امتاز عهد السيف هذا بكثرة وقائعه مع البيزنطيين الذين استولوا على كثير من المناطق الإسلامية الشمالية في بلاد الروم ، والجزيرة ، وغيرها ، ثم زالت الدولة الحمدانية في الموصل على يد البويهيين ، وفي حلب على يد العبيديين.
ودولة العبيديين قامت سنة ٢٩٧ في إفريقيّة ، والمغرب الأوسط على يد