أول خلفائها وهو عبيد الله المهدي ، بعد أن مهد الطريق له داعية الباطنية أبو عبد الله الشيعي ، ثم اتسعت رقعة هذه الدولة فشملت المغرب الأقصى ومصر وفلسطين والشام والموصل والحجاز واليمن ، وجزيرة صقلّيّة إلى جانب إفريقيّة والمغرب الأوسط ، وكانت حاضرة هذه الدولة القاهرة بعد أن كانت القيروان ، والمهدية ، والمنصورية على التوالي ، وقد نشر العبيديون في البلاد التي امتدت أيديهم إليها المذاهب الشيعية الغالية ، وناصبوا أهل السنة العداء ، وضيقوا عليهم. ثم زال حكمهم في المغرب وإفريقيّة على يد دويلات ، وزال في الشام على يد السّلاجقة ، وبعض دول الأتابكة ، والصليبيين ، وزال في مصر على يد صلاح الدين الأيوبي أحد قواد نور الدين محمود.
وأنتقل الآن للكلام عن بعض دول الأتابكة فأقول :
إن سلاطين السّلاجقة كانوا يعهدون لبعض الأتراك النابهين بالوزارة لهم ، أو بتربية أولادهم ، وكان السلاطين يولون أولادهم الصغار بعض الأقاليم والولايات ، ويرسلون معهم الأتابك ـ أي الأمير الوالد ـ ليدير شئون تلك البلاد عنهم ، ريثما يتأهلون للحكم بأنفسهم ، وكان السّلاجقة أيضا يسندون إدارة بعض الأقاليم أو الولايات ، لبعض الأتابكة ، فلما ضعفت الدولة السّلجوقية ، وآذنت بالأفول استقل كثير من الأتابكة بولاياتهم ، واستأثروا فيها دون سلاطينهم ، ومن ثم أطلق على دولهم تلك ، دول الأتابكة.
وقد كثرت هذه الدول : كأتابكية الموصل ، وأتابكية دمشق ، وأتابكية حلب ، وأتابكية الجزيرة ، وأتابكية سنجار ، وأتابكية كيفا وماردين ، وأتابكية أذربيجان وغيرها.
ومن أهم هذه الأتابكيات : أتابكية دمشق ، وأتابكية الموصل ، وأتابكية حلب. فأتابكية دمشق : أسسها طغتكين أحد قواد السّلاجقة ، واستمرت هذه الدولة تحت نفوذ أسرة طغتكين إلى سنة ٥٤٩ حيث استولى عليها الملك العادل نور الدين محمود رحمه الله تعالى.