عبد الرحمن ـ وهو أول من تسمى بالخلافة في الأندلس ـ كان بارعا في بعض العلوم الشرعية والأدبية.
كما أن ابنه الخليفة الحكم المستنصر كان عالما ، محبا للقراءة ، شغفا بالمطالعة ، وامتازت مكتبته العظيمة بتعليقاته الحافلة على كثير من كتبها ، وكان له ميل إلى أهل الحديث ، استدعى كثيرا منهم من الآفاق ، وجالسهم ، وذاكرهم.
ولم يكن ملوك وخلفاء بني أمية في الأندلس أقل عناية بالحديث من خلفاء بني العباس ، فقد كان هشام بن عبد الرحمن ثاني ملوك الأندلس يؤثر مجالس الحديث ، وكان الإمام مالك يعجب بسيرته ، ويشيد بخلاله ، وكذلك فإن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام سمع الحديث ، وأسمعه للطلبة ، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم كان ولعا بحضور مجالس المحدثين ، والخليفة الناصر سمع الحديث ودرسه ، كما أن الخليفة الحكم المستنصر ابن الخليفة الناصر سمع الحديث كثيرا ، وعين لولده الخليفة هشام المؤيد كبير المحدثين بقرطبة ليسمعه الحديث.
أما باقي ملوك وسلاطين الدول الإسلامية في الشرق والغرب ، فأتناول الحديث عن اهتمامهم بالعلم ، وسماعه ، وطلبه من خلال تقسيم دولهم إلى ثلاثة أقسام : دول المشرق ، ودول الشام ومصر ، ودول المغرب ، وبذا يسهل الحديث عنهم.
(١) دول المشرق :
عني بعض ملوك هذه الدول بالعلم ، فنالوا منه نصيبا يختلف باختلاف رغباتهم.
فالسلطان العظيم محمود بن سبكتكين صاحب الدولة الغزنوية ، وفاتح بلاد الهند ، كان عالما ، كلفا بدراسة العلوم الشرعية ، وخاصة الحديث ، وقد صنّفت له كتب كثيرة في فنون العلم ، وقصده العلماء من أصقاع البلاد.