فقال : «وكان فيها من الكتب الكبار ، وتواريخ الأمصار ، ومصنفات الأخبار ما يشتمل كل كتاب على خمسين أو ستين جزءا مجلدا» (١).
(ج) دولة بني عمار في طرابلس الشام : حكم بنو عمار الإسماعيليون طرابلس من قبل العبيديين فترة من الزمن انتهت بدخول الصليبيين إلى هذه المدينة ، وقد بنوا دارا للعلم لنشر دعوتهم ، وجعلوا فيها مكتبة عظيمة جمعت لهم من نواحي البلاد ، وقد قدرت أعداد الكتب فيها بثلاثة آلاف ألف مجلد في مختلف الفنون ، وقيل أقل من ذلك ، وكانت تلك الدار تفتح طيلة الليل والنهار ، يتناوب النساخ فيها العمل ، وكان بها ١٨٠ ناسخ.
(د) الدولة النورية : لم يمنع قصر مدة هذه الدولة من بلوغها الدرجة العالية في نشر العلم ، وتشييد المعاهد ، والمراكز العلمية ، فأول ملوكها وهو الملك العادل نور الدين رضي الله عنه ، بنى مدارس كثيرة للحنفية والشافعية في دمشق ، وحلب (٢) ، وحماه ، وحمص ، وبعلبك ، والموصل ، ومنبج ، والرّحبة وغيرها ، ووقف عليها مكتبات قيمة ، وأوقافا عظيمة ، كما بنى دار الحديث بدمشق وهي من أعظم مدارسه ، قال عز الدين بن الأثير : «وهو أول من بنى دارا للحديث فيما علمناه» (٣). وتبع ابن الأثير على قوله هذا المقريزيّ (٤).
__________________
(١) كتاب الروضتين ج ١ ق ٢ ص ٦٨٦ ، وقد اشتملت هذه الخزائن على الكتب الجامعة للعلوم والفنون كالفقه على مختلف المذاهب ، والنحو ، واللغة ، والحديث ، والتواريخ ، والسير ، والفلسفة ، والتنجيم ، والروحانيات ، والكيمياء ، وغير ذلك. انظر : المواعظ والاعتبار ١ / ٤٠٨ ـ ٤٠٩.
(٢) فائدة : بنيت أول مدرسة في حلب سنة ٥١٧ ، وقد أنشأها صاحب حلب بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار بن أرتق.
(٣) التاريخ الباهر ١٧٢.
(٤) المواعظ والاعتبار ٢ / ٣٧٥ ، وقد اعترض الأستاذ المحقق الدكتور ناجي معروف على ابن الأثير ومن تبعه في زعمهم أن نور الدين أول من بنى دارا للحديث ، فقال في كتابه علماء النظاميات ومدارس المشرق الإسلامي ٧٩ : «أنشئت مدارس حديثية أيضا قبل دار الحديث