عمر ، نا إبراهيم بن جعفر بن محمود ، عن أبيه ، وغيره قالوا : بكى حكيم بن حزام يوما فقال له ابنه : ما يبكيك يا أبة؟ قال : خصالي كلها ، أبكاني فنطن (١) إسلامي حتى سبقت في مواطن كلها صالحة ونجوت يوم بدر وأحد فقلت : لا أخرج أبدا من مكة ولا وضع مع قريش ما بقيت ، فأقمت بمكة ويأبى الله أن يشرح قلبي بالإسلام وذلك أني أنظر إلى بقايا من قريش لهم أسنان مستمسكين بما هم عليه من أمر الجاهلية ، فأقتدي بهم ، وما كنت أقتدي بهم فما أهلكنا إلّا الاقتداء بآبائنا وكبرائنا ، فلما غزا رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة جعلت أفكر وأتاني أبو سفيان بن حرب ، فقال : يا خالد إني والله لا أخشى أن يأتينا محمّد في جموع يثرب ، فهل أنت تابعي إلى شرف يسترح (٢) الخير؟ قلت : نعم ، قال : فخرجنا نتحدث ونحن مشاة حتى إذا كنا بمر الظهران إذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فرجعت إلى مكة ودخلت بيتي فأغلقت عليّ وطويت ما رأيت وقلت : لا أخبر قريشا بذلك ، ودخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأمر الناس فجئته بعد ذلك بالبطحاء وأسلمت وصدّقته وشهدت أن ما جاء به حق ، وخرجت معه إلى حنين ، فأعطى رجالا من المغانم أموالا ، وسألته يومئذ فألحفته المسألة.
قال : وأنا محمّد بن سعد ، أنا يزيد بن هارون ، أنا حمّاد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال يوم فتح مكة : «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن ، ومن دخل دار بديل فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن» (٣) [٣٦٩١].
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو طالب بن غيلان ، أنا أبو بكر الشافعي ، نا عبد الله بن محمّد بن ياسين ، نا بندار ، نا محمّد ، نا شعبة ، عن أبي بشر ، قال : سمعت يوسف بن مؤمّل (٤) يحدّث عن حكيم بن حزام ، قال : بايعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أن لا أخّر إلّا قائما قال : قلت : يا رسول الله الرجل يسألني البيع وليس عندي أبايعه (٥)؟ قال : «لا تبع ما ليس عندك» (٦) [٣٦٩٢].
__________________
(١) كذا بالأصل وفي م : فتظن.
(٢) كذا بالأصل وفي م : فتظن.
(٣) الحديث نقله الذهبي في سير الأعلام ٣ / ٤٨ وانظر تخريجه فيه.
(٤) في ابن العديم : ماهك.
(٥) ابن العديم : أفأبيعه.
(٦) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٦ / ٢٨٩٩ ـ ٢٩٠٠.