أني كنت مع سعيد فقال له : فقال له (١) سعد لما دخل عليه قبل أن يسلم : ما ترى أنت الذي تزعم أن المال مال معاوية؟ فقال مروان : ما قلت ، ومن أخبرك؟ قال : أنت الذي تزعم أن المال مال معاوية؟ قال : وقلت ذاك فردد ذلك عليه ، فقال : فقلت : ذلك ، قال : فردها عليه الثالثة ، قال : فقلت ذلك فرفع يديه إلى الله تبارك وتعالى يدعو وزال رداؤه عنه ، وكان أشعر بعيد ما بين المنكبين فوثب إليه مروان ، فأمسك فقال : اكفف عني يدك أيها الشيخ ، إنك حملتنا على أمر فركبناه فليس الأمر كذلك ، قال سعد : أما والله ما لم تنزع ، ما زلت أدعو عليك حتى يستجاب لي أو تنفرد هذه السالفة.
فلما خرج سعد ثبّت في مجلسي عند مروان ، فقال مروان : من ترونه؟ قال هذا الذي لهذا الشيخ؟ قالوا : ابن البرصاء الفتى فأرسل إليه فأتي به ، فقال : ما حملك على أن قلت لهذا الشيخ ما قلت؟ قال الفتى : ذاك حق قلته ، ما كنت أظنك تجترئ على الله تعالى وتوقّ من سعد. قال مروان : أوكلما سمعت تكلّمت به ، أما والله لتعلمن بزمزجرد (٢) فتجرد من ثيابه ومرّ بين يديه فبينما نحن كذلك إذ دخل حاجبه فقال : هذا أبو خالد حكيم بن حزام فقال : ائذن له ، ثم ردوا عليه ثيابه ، اخرجوه عنا لا يهيج علينا هذا الشيخ كما فعل الآخر قبله ، فلما دخل حكيم قال مروان : مرحبا بك يا أبا خالد ، ادن مني فجال في صدر المجلس حتى كان بينه وبين الوسادة ثم استقبله مروان فقال : حدّثنا حديث بدر ، فقال : نعم ، خرجنا حتى إذا نزلنا الجحفة (٣) رجعت قبيلة من قبائل (٤) قريش بأسرها وهي زهرة (٥) فلم يشهد أحد من مشركيهم بدرا ثم خرجنا حتى دخلنا العدوة التي قال الله تعالى (٦). فجئت عتبة بن ربيعة فقلت : يا أبا الوليد هل لك أن تذهب بشرف هذا اليوم ما بقيت؟ فقال : افعل ما ذا قلت : إنكم ما تطلبون من محمّد إلّا دم الحضرمي وهو حليفك فتحمل بديته وترجع بالناس ، فقال : وأنت ذاك فأنا أتحمل بدية
__________________
(١) كذا مكررة بالأصل «فقال له».
(٢) كذا.
(٣) كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل. (ياقوت).
(٤) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه.
(٥) انظر سيرة ابن هشام ٢ / ٢٧١.
(٦) كذا بالأصل وم.